الضَّرِيبَةِ كَالْمَوْلَى يُسَاوِي عَبْدَهُ الضَّرِيبَةَ وَيَسْتَعْمِلُهُ وَرُبَّمَا يَقُولُ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَتَمَلَّك الْأَرَاضِيَ ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْهُمْ وَالْخَرَاجُ الَّذِي جَعَلَ عَلَيْهِمْ أُجْرَةٌ وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّ جِزْيَتَهُمْ أَشْهُرُ مِنْ أَنْ تَخْفَى وَقَدْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَتَوَارَثُونَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ مَا قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِرِقَابِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ فِي رُءُوسِهِمْ وَالْخَرَاجَ فِي أَرْضِهِمْ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا شَاوَرَ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ اسْتَشَارَهُمْ مِرَارًا ثُمَّ جَمَعَهُمْ فَقَالَ: أَمَّا إنِّي تَلَوْت آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَغْنَيْت بِهَا عَنْكُمْ ثُمَّ تَلَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] إلَى قَوْله تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: ٨] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} [الحشر: ٩] هَكَذَا فِي قِرَاءَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى قَوْله تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: ١٠] ثُمَّ قَالَ أَرَى لِمَنْ بَعْدَكُمْ فِي هَذَا الْفَيْءِ نَصِيبًا وَلَوْ قَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَعْدَكُمْ نَصِيبٌ فَمَنَّ بِهَا عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ الْجِزْيَةَ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَالْخَرَاجَ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِي ذَلِكَ إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ مِنْهُمْ بِلَالٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُحْمَدُوا عَلَى خِلَافِهِ حَتَّى دَعَا عَلَيْهِمْ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَأَصْحَابَهُ فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَفِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرِفُ أَيْ مَاتُوا جَمِيعًا.
وَذُكِرَ عَنْ عَطَاءٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَسْأَلُهُ هَلْ لِلْعَبْدِ فِي الْمَغْنَمِ سَهْمٌ؟ وَهَلْ كَانَتْ النِّسَاءُ يَحْضُرْنَ الْحَرْبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَمَتَى يَجِبُ لِلصَّبِيِّ سَهْمٌ فِي الْمَغْنَمِ؟ وَعَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى؟ فَكَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَبْدِ فِي الْمَغْنَمِ وَلَكِنْ يَرْضَخُ لَهُ الْحَدِيثُ وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ الِاسْتِفْتَاءَ بِالْكِتَابِ كَانَ مَعْرُوفًا فِيهِمْ فَإِنَّ نَجْدَةَ كَانَ حَرُورِيًّا وَهُمْ كَانُوا قَوْمًا يَسْأَلُونَ سُؤَالَ التَّعَمُّقِ فَكَانَ كَثِيرًا مَا يَكْتُبُ نَجْدَةُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حَتَّى رُبَّمَا كَانَ يَضْجَرُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَيَقُولُ: لَا يَزَالُ يَأْتِينَا بِأُحْمُوقَةٍ مِنْ خَاطِرِهِ، وَمَعَ هَذَا كَانَ يُجِيبُهُ فِيمَا كَتَبَ إلَيْهِ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ كَمَا يُسْهَمُ لِلْحُرِّ وَبِهِ نَأْخُذُ فَإِنَّ الْعَبْدَ تَبَعٌ لِلْحُرِّ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَفْسِهِ حَتَّى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخُرُوجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يُسَوَّى بَيْنَ الْأَصْلِ وَالتَّبَعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ يَرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ بِحَسْب جُرْأَتِهِ وَغَنَائِهِ وَكِفَايَتِهِ وَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَخْرُجْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَكَانَ يَرْضَخُ لَهُنَّ وَخُرُوجُ النِّسَاءِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَشْهُورٌ فِي الْآثَارِ وَمِنْهُنَّ مَنْ كَانَتْ تُقَاتِلُ مَعَهُ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute