للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَجُوزُ، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيمَا إذَا تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى الْجِهَةِ الْأُولَى فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَسْتَقْبِلُ تِلْكَ الْجِهَةَ أَيْضًا فَتَتِمُّ صَلَاتُهُ جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْقِيَاسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَقْبِحُ هَذَا وَيَقُولُ: إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى هَذَا فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْرَضَ عَنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ أَيْضًا

فَأَمَّا إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَعَ الشَّكِّ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ أَوْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ أَصَابَ فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ لِأَنَّ افْتِتَاحَهُ كَانَ ضَعِيفًا حَتَّى لَا يُحْكَمَ بِجَوَازِ صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِصَابَةِ فَإِذَا عَلِمَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَقَوَّى حَالُهُ وَبِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ لَا يَجُوزُ، فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبِنَاءِ وَنَظِيرُهُ فِي الْمُومِي وَالْمُتَيَمِّمِ وَصَاحِبِ الْجُرْحِ السَّائِلِ يَزُولُ مَا بِهِمْ مِنْ الْعُذْرِ إذَا كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يَلْزَمُهُمْ الْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ يَلْزَمُهُمْ الِاسْتِقْبَالُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ افْتَتَحَهَا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَتَحَرٍّ فَإِنْ تَبَيَّنَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَخْطَأَ فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ فَهَذَا الْفَصْلُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكِتَابِ، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ أَيْضًا لِأَنَّ افْتِتَاحَهُ كَانَ ضَعِيفًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ الصَّوَابُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَقَوَّى حَالُهُ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ صَلَاتَهُ هُنَا فِي الِابْتِدَاءِ كَانَتْ صَحِيحَةً لِانْعِدَامِ الدَّلِيلِ الْمُفْسِدِ فَبِالتَّبَيُّنِ لَا تَزْدَادُ الْقُوَّةُ حُكْمًا فَلَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الشَّكِّ لِأَنَّ هُنَاكَ صَلَاتَهُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ إلَّا بِالتَّيَقُّنِ بِالْإِصَابَةِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ فَقَدْ تَقَوَّى حَالُهُ حُكْمًا فَلِهَذَا لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ

رَجُلٌ دَخَلَ مَسْجِدًا لَا مِحْرَابَ فِيهِ وَقِبْلَتُهُ مُشْكِلَةٌ وَفِيهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِهِ فَتَحَرَّى الْقِبْلَةَ وَصَلَّى ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ حَصَلَ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ فَإِنَّ أَوَانَ التَّحَرِّي مَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْأَدِلَّةِ وَقَدْ بَقِيَ هُنَا دَلِيلٌ لَهُ وَهُوَ السُّؤَالُ فَكَانَ وُجُودُ التَّحَرِّي كَعَدَمِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الشَّكِّ مِنْ غَيْرِ التَّحَرِّي فَلَا تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ فَكَذَا هَذَا عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لَمَّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَاسْتُشْهِدَ لِهَذَا بِمَنْ أُتِيَ مَاءً مِنْ الْمِيَاهِ أَوْ حَيًّا مِنْ الْأَحْيَاءِ وَطَلَبَ الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فَإِنْ كَانَ فِي الْحَيِّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ حَتَّى تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ سَأَلَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ سَأَلَهُمْ فَلَمْ يُخْبِرُوهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ رَأَى إنْسَانًا فَظَنَّ أَنَّ عِنْدَهُ خَبَرَ الْمَاءِ يُتِمُّ صَلَاتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>