للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقُبِلَتْ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْمُفَاوِضُ حَيًّا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِالْمُفَاوَضَةِ الْمُطْلَقَةِ. فَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْحَيِّ شَهِدُوا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ، كَمَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فِيهِ مِنْ الْمُوَرِّثِ لَوْ كَانَ حَيًّا.

قَالَ: (وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ كَانَ شَرِيكَهُ بِالثُّلُثِ، وَادَّعَى صَاحِبُهُ النِّصْفَ، وَكِلَاهُمَا مُقِرٌّ بِالْمُفَاوَضَةِ، فَجَمِيعُ الْمَالِ مِنْ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ)؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْمُفَاوَضَةِ الْمُسَاوَاةُ فِي مِلْكِ الْمَالِ. فَاتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْمُفَاوَضَةِ يَكُونُ اتِّفَاقًا عَلَى حُكْمِهَا، وَهُوَ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، ثُمَّ مُدَّعِي التَّفَاوُتِ يَكُونُ رَاجِعًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَمُنَاقِضًا فِي كَلَامِهِ، وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ بِالْعَقْدِ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ مِنْ الْعَقْدِ، وَلَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ إلَّا بَعْدَ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْمَالِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِ كِسْوَةٍ، أَوْ مَتَاعِ بَيْتٍ، أَوْ رِزْقِ الْعِيَالِ أَوْ خَادِمٍ يَطَؤُهَا فَإِنِّي أَجْعَلُ ذَلِكَ لِمَنْ يَكُونُ فِي يَدَيْهِ، وَلَا أَجْعَلُهُ فِي الشَّرِكَةِ - اسْتِحْسَانًا - وَفِي الْقِيَاسِ: يَدْخُلُ هَذَا فِي الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّصَرُّفِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي التَّصَرُّفِ قَائِمٌ مَقَامَ صَاحِبِهِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عَقْدِ الشَّرِكَةِ لِعِلْمِنَا بِوُقُوعِ الْحَاجَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إلَيْهَا مُدَّةَ الْمُفَاوَضَةِ. وَلِهَذَا لَوْ عَايَنَّاهُ اشْتَرَى ذَلِكَ جَعَلْنَاهُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَإِذَا صَارَ مُسْتَثْنًى لَمْ يَتَنَاوَلْهُ مُطْلَقُ الْمُفَاوَضَةِ، فَيُنْفَى ظَاهِرُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ، وَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ ذِي الْيَدِ؛ لِإِنْكَارِهِ. وَكَذَلِكَ الْخَادِمُ يَطَؤُهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَحِلُّ شَرْعًا وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى وَطْئِهَا إلَّا إذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِمِلْكِهَا. أَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَمَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ ذِي الْيَدِ، وَكَذَلِكَ الْأُمَّةُ. وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا، وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ، فَهُوَ عَلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا بِوُجُودِ الْمَالِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فِي حَالِ قِيَامِ الْمُفَاوَضَةِ وَتَأْثِيرِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي نَقْضِ الْعَقْدِ، فَهُوَ وَافْتِرَاقُهُمَا سَوَاءٌ.

(وَلَوْ كَانَا حَيَّيْنِ وَالْمَالُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلشَّرِكَةِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ شَرِيكُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَلِلَّذِي فِي يَدِهِ الثُّلُثُ؛ فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي الْقِيَاسِ لَا تُقْبَلُ)، لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْمُفَاوَضَةِ إقْرَارٌ بِالْمُنَاصَفَةِ فِي الْمَالِ، وَذَلِكَ إكْذَابٌ مِنْهُ لِشُهُودِهِ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَالْمُدَّعِي إذَا كَذَّبَ شَاهِدَهُ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ لَهُ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ شَهَادَتُهُمْ عَلَى أَصْلِ الْمُفَاوَضَةِ مَقْبُولَةٌ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِمْ إلَى إتْمَامِ الشَّهَادَةِ إلَى مَا ذَكَرُوا مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَتُلْغَى تِلْكَ الشَّهَادَةُ فَتَبْقَى شَهَادَتُهُمْ عَلَى أَصْلِ الْمُفَاوَضَةِ، وَلِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: مَعَ التَّفَاوُتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>