للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ مُنْكِرُهَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ، وَلَا إشْكَالَ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى تَمَلُّكَ نَصِيبِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ بِالْهِبَةِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ تَكُونُ مَقْبُولَةً.

(وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ قَبْلَ رَجُلٍ شِرْكًا فِي عَبْدٍ لَهُ خَاصَّةً، وَجَحَدَ ذُو الْيَدِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِنِصْفِهِ)؛ لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِالْحُجَّةِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْ ذِي الْيَدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ ادَّعَى مِيرَاثًا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْضِيٌّ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فِي نِصْفِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيّ لَهُ.

قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَالْمَالُ فِي يَدِ الْبَاقِي مِنْهُمَا، فَادَّعَى وَرَثَةُ الْمَيِّتِ الْمُفَاوَضَةَ، وَجَحَدَ ذَلِكَ الْحَيُّ، فَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبُوهُمْ كَانَ شَرِيكَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ: لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ الْحَيِّ)؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِعَقْدٍ قَدْ عَلِمْنَا ارْتِفَاعَهُ بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَنْتَقِضُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِمَا شَهِدُوا بِهِ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ فِيمَا مَضَى لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، إلَّا أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهُ مِنْ شَرِكَةِ مَا بَيْنَهُمَا؛ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لَهُمْ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الِاسْتِحْقَاقَ بِالْحُجَّةِ. أَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، فَقَدْ شَهِدُوا بِالنِّصْفِ لِلْمَيِّتِ، وَوَرَثَتُهُ خُلَفَاؤُهُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ، فَالْيَدُ الثَّابِتَةُ لَهُ فِي حَالِ قِيَامِ الشَّرِكَةِ كَالْيَدِ الثَّابِتَةِ بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ، وَذَلِكَ مُوجَبُ مِلْكِ الْمَيِّتِ فِي نِصْفِهِ، وَوَرَثَتُهُ فِي ذَلِكَ يَخْلُفُونَهُ. (فَإِنْ أَقَامَ الْحَيُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ)؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ فَسَرُّوا، وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ لِلْوَرَثَةِ بِشَهَادَتِهِمْ قَالُوا: وَهَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ مِنْ شَرِكَةِ مَا بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ فِي حَيَاةِ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ وَجَحَدُوا الشَّرِكَةَ، فَأَقَامَ الْحَيُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبُوهُمْ مَاتَ وَتَرَكَ هَذَا مِيرَاثًا مِنْ غَيْرِ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا: لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ جَاحِدُونَ لِلشَّرِكَةِ، وَإِنَّمَا يُقِيمُونَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّفْيِ، وَقَدْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الشَّرِكَةَ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقْضَى لَهُ بِنِصْفِهِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُمْ حِينَ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ، وَتَرَكَ مِيرَاثًا فَقَدْ أَقَرُّوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ أَبِيهِمْ حَالَ قِيَامِ الشَّرِكَةِ، وَهَذَا الْفَصْلُ أَيْضًا حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْأَصَحُّ فِي الْفَصْلَيْنِ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْحُكْمِ لَا لِلسَّبَبِ، فَالسَّبَبُ قَدْ انْتَقَضَ بِالْمَوْتِ. وَلِهَذَا يُسَوَّى بَيْنَ مَا إذَا فَسَّرَ الشُّهُودُ أَنَّهُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، أَوْ لَمْ يُفَسِّرُوا ذَلِكَ بِخِلَافِ حَالِ الْحَيَاةِ.

(وَلَوْ قَالَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ: مَاتَ جَدُّنَا وَتَرَكَ مِيرَاثًا لِأَبِينَا، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا لَمْ يُقْبَلْ) فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>