للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاكْتِسَابِ، فَإِنَّهُ يَكْتَسِبُ بِهِ الْمَهْرَ، وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَنْ نَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ تَزْوِيجَ أَمَةِ الْيَتِيمِ، وَلَا يَمْلِكَانِ تَزْوِيجَ عَبْدِ الْيَتِيمِ.

قَالَ: (وَلَيْسَ لِشَرِيكِ الْعَنَانِ أَنْ يُكَاتِبَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ فِي التِّجَارَةِ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ مِنْ التِّجَارَةِ) وَمَا يَكُونُ مُعْتَادًا بَيْنَ التُّجَّارِ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ. وَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا تَزْوِيجَ الْأَمَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.

قَالَ: (وَإِذَا كَانَ لِلْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدٌ تَاجِرٌ فَأَدَانَهُ أَحَدُهُمَا دَيْنًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ) لِأَنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا فِي الْإِدَانَةِ كَفِعْلِهِمَا، وَلِأَنَّ مَالِيَّةَ الْعَبْدِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا. وَمَا أَدَانَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا أَيْضًا، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِيجَابِ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يُفِيدُهُ شَرْعًا. (وَكَذَلِكَ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلُ صَاحِبِهِ فِي الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ) وَالْإِدَانَةُ بَيْعٌ بِالنَّسِيئَةِ، وَلَا فَائِدَةَ فِي إيجَابِ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ مُتَعَلِّقًا بِمَالِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا. أَمَّا إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ لَهُمَا خَاصَّةً، فَأَذِنَ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ أَدَانَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنًا؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نَصِفُ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حِصَّةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ حَتَّى لَا يَمْلِكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَمَا أَدَانَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ فِي مِلْكِهِ. وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى مَمْلُوكِهِ دَيْنًا، وَنِصْفُهُ فِي مِلْكِ شَرِيكِهِ، وَهُوَ يَسْتَوْجِبُ الدَّيْنَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُقَيَّدًا؛ فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَيَجْعَلُ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ الْعَبْدِ كَعَبْدٍ عَلَى حِدَةٍ (وَمَنْ أَدَانَ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ يَثْبُتُ مِنْ دَيْنِهِ مَا يَخُصُّ عَبْدَ غَيْرِهِ دُونَ مَا يَخُصُّ عَبْدَهُ).

قَالَ: (وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ بَيْنَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا ثَوْبًا مِنْ مِيرَاثٍ وَرِثَهُ؛ لَزِمَهُ نَصِفُ ذَلِكَ الدَّيْنِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ)؛ لِأَنَّ مَا أَدَانَهُ لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَفِيمَا لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ.

قَالَ: (وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا لِأَحَدِهِمَا فَأَذِنَ لَهُ الْآخَرُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، فَإِذْنُ صَاحِبِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَإِذْنِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَدَانَهُ الْآخَرُ دَيْنًا مِنْ مِيرَاثِهِ خَاصَّةً لَزِمَهُ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ آخَرُ؛ لِأَنَّ مَا أَدَانَهُ لَيْسَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، وَإِنْ أَدَانَاهُ مِنْ التِّجَارَةِ لَزِمَهُ نَصِفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا فِي الْإِدَانَةِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ كَفِعْلَيْهِمَا، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْإِذْنِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلَا يَسْتَوْجِبُ الْمَوْلَى الدَّيْنَ عَلَى عَبْدِهِ، وَيَلْزَمُهُ نَصِيبُ الْآخَرِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ.

قَالَ: (وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَجِيرًا فِي تِجَارَتِهِمَا، أَوْ دَابَّةٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ؛ فَلِلْمُؤَجَّرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْأَجْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>