الْبَقَرَةِ وَالْبَدَنَةِ فَأَجَازَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ قَيِّمُ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ لَهُ عَادَةً.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ» وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ قَصْدُهُمْ جَمِيعًا التَّضْحِيَةَ، أَوْ قَصَدَ بَعْضُهُمْ قُرْبَةً أُخْرَى عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا قَصَدُوا جَمِيعًا التَّضْحِيَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُ بَعْضِهِمْ لِلَّحْمِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْمَنَاسِكِ.
فَإِنْ كَانَ الشُّرَكَاءُ فِي الْبَدَنَةِ ثَمَانِيَةً لَمْ تُجْزِهِمْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ السُّبْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ دُونَ السُّبْعِ حَتَّى لَوْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً وَبَقَرَةً وَضَحَّى بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ هَلْ يَجُوزُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ الثُّمُنُ. فَإِذَا لَمْ يَجُزْ ثُمُنُهَا فِي نَصِيبِهَا لَا يَجُوزُ فِي نَصِيبِ الِابْنِ أَيْضًا.
فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْبَدَنَةِ وَرَضِيَ وَرَثَتُهُ بِالتَّضْحِيَةِ بِهَا عَنْ الْمَيِّتِ مَعَ الشُّرَكَاءِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ صَارَ مِيرَاثًا وَالتَّضْحِيَةُ تَقَرُّبٌ بِطَرِيقِ الْإِتْلَافِ فَلَا يَصِحُّ التَّبَرُّعُ بِهِ مِنْ الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ كَالْعِتْقِ. وَإِذَا لَمْ يَجُزْ فِي نَصِيبِهِ لَمْ يَجُزْ فِي نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْقُرْبَةِ حَصَلَ فِي إرَاقَةِ الدَّمِ فَإِنَّ التَّبَرُّعَ مِنْ الْوَارِثِ عَنْ مُورِثِهِ بِالْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ صَحِيحٌ كَالتَّصَدُّقِ، وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ الْعِتْقُ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِ الْوَلَاءِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ
وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أُمَّ وَلَدٍ ضَحَّى عَنْهَا مَوْلَاهُ، أَوْ صَغِيرًا ضَحَّى عَنْهُ أَبُوهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ بِذَلِكَ جَازَ. وَإِذَا جَعَلَهُ شَرِيكًا فِي الْبَدَنَةِ فَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ لِمَا بَيَّنَّا.
وَأَمَّا الْأَبُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ وَلَدِهِ الصِّغَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ فَكَمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ نَفْسِهِ عِنْدَ يَسَارِهِ. فَكَذَلِكَ عَنْ جُزْئِهِ. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا لَا يَلْزَمُهُ عَنْ مَمْلُوكِهِ لَا يَلْزَمُهُ عَنْ وَلَدِهِ كَسَائِرِ الْقُرَبِ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَسَبَهُ، وَلَوْ كَانَتْ التَّضْحِيَةُ عَنْ أَوْلَادِهِ وَاجِبَةً لَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُقِلَ ذَلِكَ كَمَا أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ.
وَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى قِيَاسِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْإِتْلَافَ فَالْأَبُ لَا يَمْلِكُهُ فِي مَالِ الْوَلَدِ كَالْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ التَّصَدُّقَ بِاللَّحْمِ بَعْدَ إرَاقَةِ الدَّمِ فَذَاكَ تَطَوُّعٌ غَيْرُ وَاجِبٍ وَمَالُ الصَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute