الْقُرْآنِ الْمُوجِب لِلسَّجْدَةِ وَهُوَ مَا دُونَ الْآيَةِ بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي وَلِأَنَّ الْجُنُبَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ غَيْرُ مُولًى عَلَيْهِ وَالْمُقْتَدِي مُولًى عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِ حُكْمٌ
(قَالَ) وَإِذَا سَمِعَهَا مِنْ الْإِمَامِ مَنْ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا لِتَقَرُّرِ السَّبَبِ وَهُوَ السَّمَاعُ فَإِنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَسْجُدْهَا بَعْدُ سَجَدَهَا وَالدَّاخِلُ مَعَهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ سَجَدَهَا سَقَطَتْ عَنْ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَهَا فِي الصَّلَاةِ إذْ يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ لِأَنَّهَا صَلَاتِيَّةٌ فِي حَقِّهِ كَمَا هِيَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ شَرِيكُ الْإِمَامِ فِيهَا وَالصَّلَاتِيَّةُ لَا تُؤَدَّى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا. وَفِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ: أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ يَنْوِي التَّطَوُّعَ وَالْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ ثُمَّ قَطَعَهَا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا يَنْوِي صَلَاةً أُخْرَى تَطَوُّعًا فَصَلَّاهَا مَعَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ شَيْءٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُبْتَدَأَةٌ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ قَضَاءَ الْأُولَى أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى صَلَاةً أُخْرَى فَفِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عِنْدَنَا سَقَطَ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ وَقَالَ زُفَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا يَسْقُطُ لِأَنَّ مَا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ صَارَ دَيْنًا كَالْمَنْذُورَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَأَدَّى خَلْفَ الْإِمَامِ حِينَ يُصَلِّيَ صَلَاةً أُخْرَى وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ أَتَمَّهَا حِينَ شَرَعَ فِيهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ فَكَذَلِكَ إذَا أَتَمَّهَا بِالشُّرُوعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ بِالشُّرُوعِ إلَّا أَدَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدَّاهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ نَوَى تَطَوُّعًا آخَرَ فَقَدْ قَالَ هَهُنَا يَنُوبُ عَمَّا لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَفِي زِيَادَاتِ الزِّيَادَاتِ قَالَ: لَا يَنُوبُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا نَوَى صَلَاةً أُخْرَى فَقَدْ أَعْرَضَ عَمَّا كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بِالْإِفْسَادِ فَلَا يَنُوبُ هَذَا الْمُؤَدَّى عَنْهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ مَا الْتَزَمَ فِي الْمَرَّتَيْنِ إلَّا أَدَاءُ هَذِهِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَدَّاهَا.
(قَالَ): فَإِنْ قَرَأَهَا الْمُصَلِّي وَسَمِعَهَا أَيْضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَجْزَأَهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ السَّمَاعِيَّةَ لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ وَاَلَّتِي أَدَّاهَا صَلَاتِيَّةٌ فَلَا تَنُوبُ عَمَّا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ أَدَّى مَا لَزِمَهُ بِالتِّلَاوَةِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ السَّمَاعِيَّةِ لِأَنَّ لَهَا حُرْمَتَيْنِ حُرْمَةَ التِّلَاوَةِ لَهَا وَحُرْمَةَ الصَّلَاةِ وَلِلسَّمَاعِيَّةِ حُرْمَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْقَوِيُّ يَنُوبُ عَنْ الضَّعِيفِ وَلَوْ اسْتَوَيَا نَابَ أَحَدُهُمَا عَنْ الثَّانِي فَلَأَنْ يَنُوبَ الْقَوِيُّ عَنْ الضَّعِيفِ كَانَ أَوْلَى
(قَالَ): وَإِنْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ ثُمَّ أَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute