للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مَكَانِهِ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ ثُمَّ قَرَأَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ تِلْكَ السَّجْدَةَ فَعَلَى هَذَا الْمُصَلِّي أَنْ يَسْجُدَهَا إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ لِأَنَّ بِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ تَجَدَّدَ لَهُ مَجْلِسٌ آخَرُ مِمَّا لَا يَكُونُ مِنْ صَلَاتِهِ وَالسَّمَاعِيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ صَلَاتِهِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ إذَا سَمِعَ وَسَجَدَ ثُمَّ ذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ وَسَمِعَ فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى

(قَالَ): وَإِنْ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَسَجَدَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي مَكَانِهِ فَقَرَأَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى لِأَنَّ الَّتِي وَجَبَتْ لِلتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ صَلَاتِيَّةٌ فَلَا تَنُوبُ عَنْهَا الْمُؤَدَّاةُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَجَدَ أَوَّلًا حَتَّى شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَكَانِهِ فَقَرَأَهَا فَسَجَدَ أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ نَوَادِرِ الصَّلَاةِ لَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْأُولَى وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إدْخَالُ الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَى لِأَنَّهَا أَقْوَى وَلَا يُمْكِنُ إدْخَالُ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَوْضُوعِ التَّدَاخُلِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ الصَّلَاتِيَّةُ تُؤَدَّى فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرُ الصَّلَاتِيَّةِ وَهِيَ الْأُولَى تُؤَدَّى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ السَّبَبَ وَاحِدٌ فَإِنَّ الْمَتْلُوَّ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَكَانُ وَاحِدٌ وَالْمُؤَدَّاةُ أَكْمَلُ مِنْ الْأُولَى لِأَنَّ لَهَا حُرْمَتَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ الْأُولَى لَنَابَتْ عَنْهَا فَإِذَا كَانَتْ أَكْمَلُ مِنْ الْأُولَى فَأَوْلَى أَنْ تَنُوبَ عَنْهَا

(قَالَ): رَجُلٌ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فَسَجَدَهَا ثُمَّ قَرَأَهَا ثَانِيَةً بَعْدَ مَا أَطَالَ الْقُعُودَ أَجْزَأَتْهُ السَّجْدَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ بَيْنَ التِّلَاوَتَيْنِ بِعَمَلٍ يَقْطَعُ بِهِ الْمَجْلِسَ وَبِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ يَتَّحِدُ السَّبَبُ فَإِنْ أَكَلَ أَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ أَخَذَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ عَمَلٍ يُعْرَفُ إنَّهُ قَطْعٌ لِمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَرَأَ فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى لِأَنَّ الْمَجْلِسَ يَتَبَدَّلُ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَوْمَ يَجْلِسُونَ لِدَرْسِ الْعُلُومِ فَيَكُونُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ الدَّرْسِ ثُمَّ يَشْتَغِلُونَ بِالْأَكْلِ فَيَصِيرُ مَجْلِسَ الْأَكْلِ ثُمَّ يَقْتَتِلُونَ فَيَصِيرُ مَجْلِسُهُمْ مَجْلِسَ الْقِتَالِ وَصَارَ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ كَتَبَدُّلِهِ بِالذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ.

(قَالَ) وَإِنْ نَامَ قَاعِدًا أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ شَرِبَ شَرْبَةً أَوْ عَمِلَ عَمَلًا يَسِيرًا ثُمَّ قَرَأَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أُخْرَى لِأَنَّ بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا سَوَاءٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُخْرَى لِبَقَائِهِ فِي مَكَانِهِ حَقِيقَةً وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا إذَا طَالَ الْعَمَلُ اعْتِبَارًا بِالْمُخَيَّرَةِ إذَا عَمِلَتْ عَمَلًا كَثِيرًا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَكَانَ قَطْعًا لِلْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكَلَتْ لُقْمَةً أَوْ شَرِبَتْ شَرْبَةً.

(قَالَ) وَإِنْ قَرَأَ بَعْدَهَا سُورَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَعَادَ قِرَاءَةَ تِلْكَ السَّجْدَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا لِأَنَّ مَجْلِسَهُ لَمْ يَتَبَدَّلْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ مِنْ السُّجُودِ فَبِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ يَتَّحِدُ السَّبَبُ

(قَالَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>