للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ أَخَذَهُ بِمِثْلِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُفِيدٍ وَفِي السَّلَمِ عِنْدَ الْقَبْضِ يَصِيرُ كَالْمُجَدِّدِ لِلْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ الْكُرِّ بِالْمِائَةِ فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِذَلِكَ ثُمَّ أَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُثْبِتَ شُبْهَةَ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْحَقِيقَةَ وَالشُّبْهَةَ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِشُبْهَةِ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِ الْأَجَلِ وَلَوْ أَخَذَ عَيْنًا صُلْحًا مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى إنْسَانٍ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ الدَّيْنِ لِشُبْهَةِ الْحَطِّ بِسَبَبِ الصُّلْحِ وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ كَلَامَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ الْمَوْصُوفَيْنِ لَا يَتَفَاوَتَانِ فِي الذِّمَّةِ وَيَتَفَاوَتَانِ بَعْدَ التَّعْيِينِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُمَا وَبَاعَ أَحَدَهُمَا مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ الثَّوْبَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الثَّوْبِ الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَجِبُ قِيمَةُ الْمُسْتَهْلَكِ فَدَلَّ أَنَّهُمَا لَا يَتَمَاثَلَانِ عَيْنًا فَجَازَ الْعَقْدُ فِي الِابْتِدَاءِ فِي الدَّيْنِ وَكَذَلِكَ الْإِقَالَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَأَمَّا بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ فَيُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ فِي حُكْمِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَلَا يَبِيعُ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ثَمَنَهُمَا مُسَمًّى مَعْلُومٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا عَيْنًا.

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْمَسْمُوحِ وَالْأَكْيِسَةِ وَالْعُبَا وَالْجَوَالِيقِ وَالْكَرَابِيسِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ عَرْضًا وَطُولًا وَرِفْعَةً) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ إعْلَامَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى فِيهِ تَفَاوُتٌ فِي الْمَالِيَّةِ وَلَا يَبْقَى بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي التَّسْلِيمِ تُمْكِنُ

قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ فِي السَّلَمِ أَمَّا بِرَأْسِ الْمَالِ يَجُوزُ أَخْذُ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ عِنْدَنَا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ زُفَرَ وَلَهُ فِي السَّلَمِ رِوَايَتَانِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ وَالْكَفِيلَ مِمَّا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَقَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ مُسْتَحَقٌّ فِي الْمَجْلِسِ فَأَخْذُ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ بِهِ لَا يُفِيدُ وَلَكِنَّا نَقُولُ رَأْسُ الْمَالِ دَيْنٌ وَاجِبٌ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ فَالْكَفِيلُ يَلْتَزِمُ الْمُطَالَبَةَ بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ وَالرَّهْنِ لِلِاسْتِيفَاءِ وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ دَيْنٌ يُسْتَوْفَى فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي الْمَجْلِسِ وَفِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِرَأْسٍ صَارَ مُسْتَوْفِيًا بِهِ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ بَطَلَ السَّلَمُ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ وَالِافْتِرَاقِ قَبْلَ تَمَامِ الْقَبْضِ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَكَذَا إنْ نَقَدَ الْكَفِيلُ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَ الْمُتَعَاقِدَانِ ثُمَّ الْعَقْدُ وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الْكَفِيلُ بَطَلَ الْعَقْدُ وَلَا مُعْتَبَرَ بِذَهَابِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ وَجَاءَ بِرَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَادَى تَمَّ الْعَقْدُ وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ الْوِكَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْجَوَابُ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ إنْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ تَمَّ عَقْدُ السَّلَمِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِذَهَابِ الْوَكِيلِ وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَأَمَّا أَخْذُ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ يَجُوزُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ زُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>