للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَيِّنَةِ وَإِذَا أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَقَامَ رَبُّ السَّلَمِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَأَقَامَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا فَالسَّلَمُ جَائِزٌ وَيُؤْخَذُ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَيِّنَةُ رَبِّ السَّلَمِ تَنْفِي ذَلِكَ وَالْبَيِّنَاتُ تَتَرَجَّحُ بِالْإِثْبَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مِنْ يَكُونُ؟ وَأُورِدَ هَذَا فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ: عَلَى قَوْلِ زُفَرَ الْقَوْلُ قَوْلُ مِنْ يَدَّعِي الْقَبْضَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فَكَانَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْعَقْدِ اتِّفَاقًا مِنْهُمَا عَلَى قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَاَلَّذِي يُنْكِرُ الْقَبْضَ فِي حُكْمِ الرَّاجِعِ عَنْ الْإِقْرَارِ وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ فِي قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي فِي يَدِهِ رَأْسُ الْمَالِ لِأَنَّ الْآخَرَ يَدَّعِي تَمَلُّكَ مَا فِي يَدِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يَدَّعِي أَنَّهُ يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ بِالْقَبْضِ وَأَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَرَبُّ السَّلَمِ يَدَّعِي أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ بِأَعْيَانِهَا فَقَالَ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْدَعْتُهَا إيَّاهُ أَوْ غَصَبَهَا بَعْدَ قَبْضِي لَهَا وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالْقَبْضِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَ قَبْضَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَدْ تَمَّ مِلْكُهُ فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ زَعَمَ أَنَّ وُصُولَهَا إلَى يَدِهِ الْوَدِيعَةِ أَوْ بِالْغَصْبِ

وَلَوْ أَسْلَمَ فُلُوسًا فِي طَعَامٍ يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي بَابِ الْبَيْعِ فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ فِي بَابِ السَّلَمِ وَلَا يَجُوزُ فِي الصُّفْرِ رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا بِشَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى فَالْبَيْعُ جَائِزٌ لِأَنَّهُمَا تَفَرَّقَا عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْبَيْعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي وَتَفَرَّقَا أَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقِيَاسَ فِي السَّلَمِ هَكَذَا وَلَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ هُنَاكَ لِمُقْتَضَى اسْمِ السَّلَمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْفَرْقِ فَقَالَ: لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا بِحِنْطَةٍ وَسَمَّى الْكَيْلَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَجَلًا كَانَ جَائِزًا وَلَوْ أَسْلَمَ هَذَا الثَّوْبُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَجَلًا كَانَ فَاسِدًا وَمَعْنَى هَذَا الِاسْتِشْهَادِ أَنَّ التَّأْجِيلَ فِي السَّلَمِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ جُعِلَ شَرْطًا لِتَحَقُّقِ مَعْنَى الِاسْمِ فَكَذَلِكَ التَّعْجِيلُ فِي رَأْسِ الْمَالِ مُقْتَضَى الِاسْمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ جَوَازَ أَخْذِ الرَّهْنِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنْ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّاهِنِ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِحَقِّهِ فَسَقَطَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ عَنْ الْمُطَالَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>