للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسِ الْمَالِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ مَعَ بَقَاءِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ إذَا اخْتَلَفَا لِأَنَّ الطَّالِبَ يَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةً وَهُوَ مُنْكِرٌ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ (وَالرَّابِعُ) الصَّرْفُ فَإِنَّهُمَا لَوْ تَصَارَفَا دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَتَقَابَضَا وَهَلَكَ الْبَدَلَانِ جَمِيعًا ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ هَلَكَ الْبَدَلَانِ قَبْلَ التَّرَادِّ جَازَتْ الْإِقَالَةُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَا اسْتَوْجَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَا يَلْزَمُهُ رَدَّ الْمَقْبُوضِ بِعَيْنِهِ وَلَكِنْ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِثْلَهُ فَلَا يَكُونُ هَلَاكُ الْمَقْبُوضِ مَانِعًا مِنْ الْإِقَالَةِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَشْوِيشٌ وَتَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَأَلْفَاظٌ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ وَقَدْ تَكَلَّفَ لِتَصْحِيحِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ قَالَ: بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَيَا جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فِي يَدَيْهِ ثُمَّ تَنَاقَضَا أَنَّهُ جَائِزٌ وَمَعْنَى هَذَا الِاسْتِشْهَادِ أَنَّ الْقَرْضَ وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَمْلِيكُ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ فَلَيْسَ بِبَيْعٍ حَقِيقَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَلَكِنْ لَيْسَ بِبَيْعٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيَجُوزُ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً الْبَيْعُ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِقِيمَةِ جَارِيَةٍ هَالِكَةٍ لَا يَجُوزُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْحَيِّ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ يَعْنِي شِرَاءَ الْحَيِّ بِقِيمَةِ الْمَيِّتِ أَوْ شِرَاءَ الْحَيِّ بِالْحَيِّ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَكِنَّ هَذَا تَكَلُّفٌ

وَلَا يَلِيقُ هَذَا اللَّفْظُ بِفَصَاحَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّ شِرَاءَ الْحَيِّ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ السَّلَمُ لِأَنَّ السَّلَمَ بَيْعٌ يَعْنِي أَنَّ الْإِقَالَةَ بَعْدَ هَلَاكِ رَأْسِ الْمَالِ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي بَيْعِ الْمُقَابَضَةِ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ قَالَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْأَثْمَانَ الدَّنَانِيرُ بِالدَّرَاهِمِ، يَعْنِي أَنَّ فِي عَقْدِ الصَّرْفِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكِهِمَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُقَابَضَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ: الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ يَعْنِي إذَا اشْتَرَيَا عَيْنًا بِنَقْدٍ ثُمَّ تَقَايَلَا فَهَلَكَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا الْفَرْقَ

قَالَ: (وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَوَجَدَ فِيهَا دَرَاهِمَ سَتُّوقَةً فَجَاءَ يَرُدُّهَا فَقَالَ: الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هَذَا مِنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَقَدْ بَطَلَ نِصْفُ السَّلَمِ وَقَالَ: رَبُّ السَّلَمِ بَلْ هُوَ ثُلُثُ رَأْسِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُسْلَمَ لَمْ يَتِمَّ فِي جَمِيعِ الْكُرِّ وَحَاصِلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِقْدَارُ حَقِّهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَرَبُّ السَّلَمِ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَ ثُلُثَيْ حَقِّهِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْكِرُ الْقَبْضَ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ مَا يَدَّعِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>