مُفْرِطَةٌ وَكَانَتْ مُفَوِّتَةً فَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَكِنَّا نَقُولُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْتِ فَالصَّلَاةُ لَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا بَلْ هِيَ فِي الْوَقْتِ عَيْنٌ وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْأَدَاءُ بِسَبَبِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَضَاءِ فَأَمَّا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَتَصِيرُ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا وَالْحَيْضُ لَا يَمْنَعُ كَوْنَ الصَّلَاةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ مُخَيَّرًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمَا لَمْ يَتَقَرَّرْ الْوُجُوبُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ فَإِذَا اقْتَرَنَ الْحَيْضُ بِوَقْتٍ تَقَرَّرَ الْوُجُوبُ فَلَمْ يَتَقَرَّرْ الْوُجُوبُ وَإِذَا حَاضَتْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَمْ يَقْتَرِنْ الْحَيْضُ بِحَالِ تَقَرُّرِ الْوُجُوبِ فَتَقَرَّرَ وَعَلَى هَذَا لَوْ نَفِسَتْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ بِالْوِلَادَةِ أَوْ بِإِسْقَاطِ سِقْطٍ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ وَكَذَلِكَ لَوْ أُغْمِيَ عَلَى الرَّجُلِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَطَالَ إغْمَاؤُهُ فَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ تِلْكَ الصَّلَاةِ اخْتِلَافٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَكَذَلِكَ لَوْ افْتَتَحَتْ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ حَاضَتْ وَهَذَا بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَوْ أَدْرَكَهَا الْحَيْضُ بَعْدَ مَا افْتَتَحَتْ التَّطَوُّعَ كَانَ عَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ إذَا طَهُرَتْ لِأَنَّهَا بِالشُّرُوعِ الْتَزَمَتْ الْأَدَاءَ فَكَأَنَّهَا الْتَزَمَتْهُ بِالنَّذْرِ وَفِي الْفَرِيضَةِ بِالشُّرُوعِ مَا الْتَزَمَتْ شَيْئًا وَإِنَّمَا شُرِعَتْ لِلْإِسْقَاطِ لَا لِلِالْتِزَامِ فَإِذَا أَدْرَكَهَا الْحَيْضُ اُلْتُحِقَتْ بِمَا لَوْ لَمْ تُشْرَعْ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّ الْتِزَامَ مَا هُوَ لَازِمٌ لَا يَتَحَقَّقُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَدَاءَ فَرِيضَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ بِالنَّذْرِ شَيْءٌ
(قَالَ) وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَعَلَيْهَا مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا تَغْتَسِلُ فِيهِ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَغْتَسِلَ فِيهِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشَرَةً فَانْقَطَعَ الدَّمُ وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ هَكَذَا فَسَّرَهُ فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشَرَةً فَبِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِ الدَّمِ تَيَقَّنَّا خُرُوجَهَا مِنْ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَدْرَكَتْ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ لَزِمَهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَتْ فِيهِ مِنْ الِاغْتِسَالِ أَوْ لَمْ تَتَمَكَّنْ بِمَنْزِلَةِ كَافِرٍ أَسْلَمَ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ صَبِيٌّ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الِاغْتِسَالِ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَمُدَّةُ الِاغْتِسَالِ مِنْ جُمْلَةِ حَيْضِهَا عَلَى مَا قَالَ الشَّعْبِيُّ حَدَّثَنِي سَبْعَةَ عَشَرَ نَفَرًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ وَهَذَا لِأَنَّ صَاحِبَةَ هَذِهِ الْبَلْوَى لَا تَكَادُ تَرَى الدَّمَ عَلَى الْوَلَاءِ وَلَكِنَّهُ يَسِيلُ تَارَةً وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى فَبِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَيْضِ لِجَوَازِ أَنْ يُعَاوِدَهَا فَإِذَا اغْتَسَلَتْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا شَرْعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute