للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَعْصِي فِي الْحَلْبِ وَالْبَائِعَ يُطَالِبُهُ بِتَرْكِ دَاعِيَةِ اللَّبَنِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ أَوْلَادِهَا فِي بُطُونِهَا لَا يَجُوزُ لِمَعْنَى الْغُرُورِ وَانْعِدَامِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِيهِ مَقْصُودًا قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَعَجَزَ الْبَائِعُ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَاسْتَدَلَّ «بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» مِنْهُمْ مِنْ يَرْوِي بِالْكَسْرِ الْحَبَلَةِ فَيَتَنَاوَلُ بَيْعَ الْحَمْلِ وَمِنْهُمْ مِنْ يَرْوِي بِالنَّصْبِ الْحَبَلَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بَيْعُ مَا يَحْمِلُ هَذَا الْحَمْلُ بِأَنْ وَلَدَتْ النَّاقَةُ ثُمَّ حَبِلَتْ وَلَدُهَا فَالْمُرَادُ بَيْعُ حَمْلِ وَلَدِهَا وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ فَأَبْطَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَعَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» قِيلَ الْمَضَامِينُ مَا تَتَضَمَّنُهُ الْأَصْلَابُ وَالْمَلَاقِيحُ مَا تَتَضَمَّنُهُ الْأَرْحَامُ وَقِيلَ عَلَى عَكْسِ هَذَا الْمَضَامِينِ مَا تَضُمُّهُ الْأَرْحَامُ وَالْمَلَاقِيحُ مَا تَضُمُّهُ الْأَصْلَابُ وَكَذَلِكَ شِرَاءُ أَصْوَافِهَا عَلَى ظُهُورِهَا لِأَنَّ الصُّوفَ قَبْلَ الْجِزَازِ وَصْفٌ لِلْحَيَوَانِ وَلَيْسَ بِمَالِ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ وَلِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ بَيْنَمَا يَتَمَكَّنُ فِي التَّسْلِيمِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَعْصِي فِي الْجِزَازِ وَالْبَائِعَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِأَنَّ الصُّوفَ عَيْنُ مَالٍ ظَاهِرٍ وَقَاسَهُ بِبَيْعِ قَوَائِمِ الْخِلَافِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ النُّمُوَّ فِي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ يَكُونُ مِنْ رَأْسِهَا لَا مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يَخْتَلِطُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي

وَأَمَّا النُّمُوُّ فِي الصُّوفِ يَكُونُ مِنْ أَصْلِهِ وَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ فِيمَا إذَا حَصَبَ الصُّوفَ عَلَى ظَهْرِ الشَّاةِ ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى نَمَا فَالْمَحْصُوبُ يَكُونُ عَلَى رَأْسِهِ لَا فِي أَصْلِهِ فَيَخْتَلِطُ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ مَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِحَيَوَانٍ فَهُوَ وَصْفٌ مَحْضٌ بِخِلَافِ مَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالشَّجَرَةِ فَهُوَ عَيْنُ مَالٍ مَقْصُودٍ مِنْ وَجْهٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِذَلِكَ

قَالَ: (وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَى رَأْسِ الشَّجَرِ بِصِنْفٍ مِنْ غَيْرِهِ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَشِرَاءُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهَا لَا يَجُوزُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَصْلُحُ لَتَنَاوُلِ بَنِي آدَمَ أَوْ عَلَفِ الدَّوَابِّ فَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فَإِنْ صَارَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بَعْدُ بِأَنْ كَانَ لَا يَأْمَنُ الْعَاهَةَ وَالْفَسَادَ عَلَيْهِ فَاشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ التَّرْكِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا يَجُوزُ عِنْدَنَا لِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ فَهُوَ وَشَرْطُ الْقَطْعِ سَوَاءٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ «لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» أَوْ قَالَ: حَتَّى يَزْهَى أَوْ قَالَ: حَتَّى تُؤْمَنُ الْعَاهَةُ وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَنَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ التَّرْكِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى الثَّمَرَةَ بِمَا يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلَمِ وَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ هَذَا إذَا اشْتَرَى بِشَرْطِ التَّرْكِ إلَى أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا أَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا بَعْدَ مَا بَدَا صَلَاحُهَا إلَّا أَنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ بَعْدَ شَرْطِ الْقَطْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>