يَجُوزُ وَكَذَلِكَ مُطْلَقًا وَيُؤْمَرُ بِأَنْ يَقْطَعَهَا فِي الْحَالِ بِمُقْتَضَى مُطْلَقُ الْعَقْدِ
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَتْرُكُهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ التَّرْكِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ عِنْدَنَا جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ وَمِنْ الشَّرَائِطِ فِي الْعُقُودِ مَا يُجَوِّزُ الْعُرْفُ كَمَا إذَا اشْتَرَى نَعْلًا وَشِرَاكَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَحْذُوهَا الْبَائِعُ وَلَكِنَّا نَقُولُ إنْ كَانَ بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ التَّرْكِ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ فَهَذِهِ إجَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهِيَ إعَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ حَيْثُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَكُلُّ عُرْفٍ وَرَدَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ثُمَّ إنَّ الثِّمَارَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ تَزْدَادُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَحْدُثُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ ضَمَّ الْمَعْدُومَ إلَى الْمَوْجُودِ وَاشْتَرَاهُمَا فَكَانَ بَاطِلًا وَفَصْلُ النَّعْلِ مُسْتَحْسَنٌ مِنْ الْقِيَاسِ وَلَا يَتَمَكَّنُ فِي ذَلِكَ الشَّرْطِ شِرَاءُ الْمَعْدُومِ فَأَمَّا إذَا تَنَاهَى عِظَمُ الثِّمَارِ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَزْدَادُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمْ يَنْضَجْ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ التَّرْكِ فَفِي الْقِيَاسِ الْعَقْدُ فَاسِدٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِمَا قُلْنَا وَجَوَّزَ مُحَمَّدٌ الْعَقْدَ فِي هَذَا الْفَصْلِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ وَمُدَّةُ التَّرْكِ يَسِيرَةٌ وَقَدْ يَتَحَمَّلُ الْيَسِيرَ فِيمَا لَا يَتَحَمَّلُ فِيهِ الْكَثِيرَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ بَعْدَ هَذَا وَلَكِنَّ الشَّمْسَ تُنْضِجُهُ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَيَأْخُذُ اللَّوْنَ مِنْ الْقَمَرِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَالطَّعْمَ مِنْ الْكَوَاكِبِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا عَمَلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ فَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ اسْتَحْسَنَ أَنَّ أُجَوِّزَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ أَنْ يَتَنَاهَى عِظَمُهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا ثُمَّ تَرَكَهُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَهُوَ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْفَصْلِ إلَّا فِي فَصْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ هُنَاكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَجُوزُ وَهُنَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَشْجَارَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ بِالدَّرَاهِمِ صَحِيحٌ وَاسْتِئْجَارُ الْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ
(وَالثَّانِي) أَنَّ هُنَاكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَهُنَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ لَهُ بِحَالٍ فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا فَاسِدًا أَيْضًا وَبِدُونِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَإِذَا صَارَ الْعَقْدُ لَغْوًا بَقِيَ مُجَرَّدُ الْإِذْنِ وَالتَّرْكُ مَتَى كَانَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَالْفَضْلُ يَطِيبُ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَصْلًا آخَرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مَا إذَا صَارَ بَعْضُ الثِّمَارِ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ الْبَعْضُ بَعْدُ أَوْ لَمْ يَصِرْ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ الْبَعْضُ أَوْ لَمْ يَصِرْ مُنْتَفَعًا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute