للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالتِّينِ وَنَحْوِهِ فَاشْتَرَى الْكُلَّ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ يَقُولُ وُجُودُ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ فِي شَيْءٍ مِمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ يُجْعَلُ كَوُجُودِهِ فِي الْكُلِّ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ يَجْعَلُ وُجُودَ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَوُجُودِ الْكُلِّ فِي حَقِّ جَوَازِ الْعَقْدِ أَوْ يَجْعَلُ مَا خَرَجَ أَصْلًا وَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ جُعِلَ تَبَعًا لَهُ فِي حَقِّ جَوَازِ الْعَقْدِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَلَكِنَّا نَقُولُ جَمَعَ فِي الْعَقْدِ بَيْنَ الْمَعْدُومِ وَالْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومُ لَا يَقْبَلُ الْبَيْعَ وَحِصَّةُ الْمَوْجُودِ مِنْ الْبَدَلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ وَجَعَلَ الْمَعْدُومَ حَقِيقَةً مَوْجُودًا حُكْمًا لِلضَّرُورَةِ وَذَلِكَ فِيمَا لَا يَقْبَلُ الْعَقْدُ بَعْدَ الْوُجُودِ حَقِيقَةً فَأَمَّا الثِّمَارُ تَقْبَلُ الْعَقْدَ بَعْدَ الْوُجُودِ قَالَ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ يُفْتِي بِجَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ فِي الثِّمَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ: أَجْعَلُ الْمَوْجُودَ أَصْلًا فِي الْعَقْدِ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا قَالَ: أَسْتَحْسِنُ فِيهِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ تَعَامَلُوا بِبَيْعِ ثِمَارِ الْكَرْمِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ عَادَةٌ ظَاهِرَةٌ وَفِي نَزْعِ النَّاسِ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ بَيِّنٌ قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ رِوَايَةً فِي هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ فِي بَيْعِ الْوَرْدِ عَلَى الْأَشْجَارِ فَإِنَّ الْوَرْدَ مَثَلًا حَقٌّ ثُمَّ جَوَّزَ الْبَيْعَ فِي الْكُلِّ مُطْلَقًا بِهَذَا الطَّرِيقِ

قَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ عِنْدِي أَصَحُّ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى هَذَا الطَّرِيقِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ أُصُولَهَا حَتَّى يَكُونَ مَا يَحْدُثُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَفِي الثِّمَارِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ الْمُنْتَفَعَ بِهِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ يُؤَخِّرَ الْعَقْدَ فِيمَا بَقِيَ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا يَحْدُثُ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا بِهَذَا الطَّرِيقِ

قَالَ: (وَإِنْ اشْتَرَى طَعَامًا بِطَعَامٍ مِثْلِهِ فَعَجَّلَهُ لَهُ وَتَرَكَ الَّذِي اشْتَرَى وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى افْتَرَقَا فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا) وَقَالَ: الشَّافِعِيُّ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالتَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ شَرْطٌ عِنْدِي وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ يَدًا بِيَدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَبْضُ أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَفَادَ شَرْطَ الْقَبْضِ ثُمَّ قَالَ: فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ وَهَذَا يَنْصَرِفُ إلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَ ثُمَّ فُهِمَ مِنْهُ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ شَرْطُ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ جَمَعَ بَيْنَ بَدَلَيْنِ لَوْ قُوبِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجِنْسِهِ عَيْنًا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ كَبَيْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>