للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّفُ بِالنَّقْلِ ثُمَّ هَذَا الِاسْتِحْسَانُ عِنْدَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي لَفْظِ الْحَمْلِ وَالْإِيفَاءِ سَوَاءٌ

وَقَالُوا لَا فَرْقَ خُصُوصًا فِي لِسَانِ الْفَارِسِيَّةِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ يَسَار نَجَاته مِنْ أَوْ بيادخانه مِنْ أَوْ يرد بخانه مِنْ وَالْأَصَحُّ هُوَ الْفَرْقُ مِنْ قَبْلِ أَنَّ الْإِيفَاءَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَالْعَقْدَ يُوجِبُ إيفَاءَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ فَكَانَ شَرْطُ الْإِيفَاءِ مُلَائِمًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَمَّا الْحَمْلُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ يَخْلُو عَنْهُ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَشَرْطُ الْحَمْلِ لَا يُلَائِمُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلِهَذَا أَخَذْنَا فِيهِ بِالْقِيَاسِ

قَالَ: (وَإِنْ اشْتَرَى شَعِيرًا بِصُوفٍ مُتَفَاضِلًا فَلَا بَأْسَ بِهِ) لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْهَيْئَةِ وَالْمَقْصُودِ وَأَصْلُهُمَا وَإِنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا وَلَكِنْ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْمَعَانِي يَخْتَلِفُ الْجِنْسُ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ كَالثِّيَابِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْقُطْنِ

وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ بِالْكَتَّانِ وَالْمُشَاقَةُ بِالْكَتَّانِ لَا بَأْسَ بِهِ مُتَفَاضِلًا لَأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: الْمُشَاقَةُ وَالْكَتَّانُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ بِمَنْزِلَةٍ أَنْوَاعِ التَّمْرِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَكَذَلِكَ جِنْسَانِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ مُتَفَاضِلًا وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّمَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَوْزُونٌ بِثَمَنٍ

وَكَذَلِكَ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ إذَا كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا لَا يَجُوزُ إسْلَامُهُمَا فِي الْمَوْزُونَاتِ أَمَّا أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَجُوزُ إسْلَامُهُمَا فِي الْمَوْزُونَاتِ مِنْ الزَّعْفَرَانِ وَالسُّكَّرِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا يَجُوزُ إسْلَامُ الدَّرَاهِمِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ صِفَةَ الثَّمَنِيَّةِ لَهَا ثَابِتَةٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالصِّفَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ مُثَمَّنٌ حَتَّى يَتَعَيَّنَ بِالْعَقْدِ فِي التَّعْيِينِ فَهَذَا كَالْمُتَّخِذِ مِنْ الصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ

وَإِذَا كَانَ شَرْطُ السَّلَمِ طَعَامًا وَسَطًا فَأَعْطَاهُ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ فَرَضِيَ بِهِ جَازَ لِأَنَّهُ إنْ أَعْطَاهُ أَجْوَدَ فَقَدْ أَحْسَنَ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ أَعْطَاهُ أَرْدَأَ فَقَدْ أَحْسَنَ الْآخَرُ إلَى أَسِيرِهِ حِينَ رَضِيَ مِنْهُ بِهِ وَأَبْرَأهُ مِنْ صِفَةِ الْجَوْدَةِ حِينَ تَجُوزُ بِدُونِ حَقِّهِ فَجَازَ ذَلِكَ

وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فِي حِنْطَةٍ فَقَبَضَهَا رَبُّ السَّلَمِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا وَقَدْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهَا مَعَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ رَدَّ الْمَقْبُوضَ وَطَالَبَهُ رَبُّ السَّلَمِ بِحَقِّهِ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَرْضَى لَمْ يَرْجِعْ رَبُّ السَّلَمِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْفَائِتَ وَصْفٌ وَلَا قِيمَةَ لِلصِّفَةِ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ مُنْفَرِدَةً عَنْ الْأَصْلِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجَعَ بِحِصَّةِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ بِقَدْرِ مَا يَرْجِعُ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَطَّ بَعْضَهُ فَلَا يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا إذَا رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ إنْ أَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ غَرِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>