يَدٍ فَلِمَا قَالَ: يَدًا بِيَدٍ عَرَفْنَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَأَمَّا بَيْعُ الْعَبْدِ بِالْعَبْدَيْنِ وَالثَّوْبِ بِالثَّوْبَيْنِ فَجَائِزٌ بِدُونِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ عَنْ عَيْنٍ بِعَيْنٍ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ بِالنَّقْدِ لِأَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ شَرَطَ فِيهِ أَجَلَ يَوْمٍ فِي الْعَيْنِ كَانَ فَاسِدًا لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَقْبَلُ الْأَجَلَ فَالْمَقْصُودُ بِالْأَجَلِ أَنْ يَحْصُلَ فِي الْمُدَّةِ فَيُسْلِمَهُ وَذَلِكَ فِي الْعَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ وَلِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي الْعَيْنِ لَا يَدًا بِيَدٍ لَا يَسْقُطُ بِالتَّعَرُّفِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ وَلَكِنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ قُصُورُ يَدِهِ عَنْ الْعَيْنِ إلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ وَجَوَازُ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا لِضَرَرٍ بِغَيْرِهِ
قَالَ: (وَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا بِطَعَامٍ مِثْلِهِ وَاشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُوفِيَهُ طَعَامَهُ فِي مَنْزِلِهِ لَمْ يَجُزْ) لِأَنَّ شَرْطَ الْمُسَاوَاةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَبِهَذَا الشَّرْطِ مُتَمَكِّنٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضْلٌ وَهُوَ مَنْفَعَةُ الْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ لِيُوفِيَهُ فِيهِ فَتَنْعَدِمُ بِهِ الْمُسَاوَاةُ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ خَارِجًا مِنْ الْمِصْرِ وَشَرَطَ أَنْ يُوفِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فِي الْمِصْرِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ أَيْضًا لِأَنَّ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ بِالْعَقْدِ فِي الْمَوْضُوعِ الَّذِي فِيهِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَالْمُشْتَرِي يَمْلِكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهُوَ عَيْنٌ فَإِذَا اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مَنْفَعَةَ الْحَمْلِ عَلَى الْبَائِعِ فَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَطْحَنَهُ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ فِي الْمِصْرِ وَشَرَطَ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُوفِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَفِي الْقِيَاسِ الْعَقْدُ فَاسِدٌ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَجْهُ الْقِيَاسِ مَا بَيَّنَّا أَنَّ بِنَفْسِ الْعَقْدِ صَارَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَفِي اشْتِرَاطِ تَسْلِيمِهِ فِي مَكَان آخَرَ شَرَطَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يَقْبِضُهُ الْعَقْدُ فَإِنْ كَانَ بِمُقَابِلَتِهَا شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ فَهِيَ إجَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي الْبَيْعِ وَإِلَّا فَهِيَ إعَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي الْبَيْعِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ كَانَ الشَّرْطُ بِلَفْظِ الْحَمْلِ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لِلْعُرْفِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَشْتَرِي الْحَطَبَ فِي الْمِصْرِ وَلَا يَكْتَرِي دَابَّةً أُخْرَى لِتَحْمِلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَكِنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّفُ لِذَلِكَ وَمَا كَانَ مُتَعَارَفًا وَلَيْسَ فِي عَيْنِهِ نَصٌّ يُبْطِلُهُ فَالْقَوْلُ بِجَوَازِهِ وَاجِبٌ لِمَا فِي النَّزْعِ عَنْ الْعَادَةِ مِنْ حَرَجٍ بَيْنَ وَمِثْلِ هَذِهِ الْعَادَةِ لَا تُوجَدُ خَارِجَ الْمِصْرِ بَلْ إذَا اشْتَرَى الْحِنْطَةَ أَوْ الْحَطَبَ خَارِجَ الْمِصْرِ فَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّفُ الْحَمْلَ ذَلِكَ يُوَضِّحُهُ أَنَّ نَوَاحِي الْمِصْرَ كَنَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَنَّ قِيمَةَ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَخْتَلِفُ فِي نَوَاحِي الْمِصْرِ بِخِلَافِ الْمِصْرِ مَعَ الْقَرْيَةِ فَقِيمَتُهَا فِي الْمِصْرِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا خَارِجَ الْمِصْرِ وَمَا كَانَ ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute