يَسْبِقُ سَبَبَهُ فَكَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ كَالْمَعْدُومِ
(قَالَ) وَلَوْ كَانَ حَيْضُهَا خَمْسَةً فَحَاضَتْ سِتَّةً ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى سَبْعَةً ثُمَّ حَاضَتْ أُخْرَى سِتَّةً فَحَيْضُهَا سِتَّةٌ وَكُلَّمَا عَاوَدَهَا الدَّمُ مَرَّتَيْنِ فَحَيْضُهَا ذَلِكَ وَمُرَادُهُ إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْبِنَاءِ وَهَذَا الْجَوَابُ وَهُوَ قَوْلُهُ حَيْضُهَا سِتَّةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّ الْعَادَةَ تَنْتَقِلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنَّمَا تَبْنِي عَلَى مَا رَأَتْ آخِرَ مَرَّةٍ لِأَنَّ عَادَتَهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْصُلُ انْتِقَالُ الْعَادَةِ بِمَا دُونَ الْمَرَّتَيْنِ لِيَتَأَكَّدَ بِالتَّكْرَارِ فَسِتَّةٌ قَدْ رَأَتْهُ مَرَّتَيْنِ فَانْتَقَلَتْ إلَيْهَا وَالْيَوْمُ السَّابِعُ إنَّمَا رَأَتْ الدَّمَ فِيهِ مَرَّةً فَلَمْ يَتَأَكَّدْ بِالتَّكْرَارِ وَالْبِنَاءُ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى مَا تَأَكَّدَ بِالتَّكْرَارِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ كُلَّمَا عَاوَدَهَا الدَّمُ مَرَّتَيْنِ فَحَيْضُهَا ذَلِكَ.
(قَالَ) وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا خَمْسًا فَحَاضَتْهَا وَطَهُرَتْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ عَاوَدَهَا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ كُلَّهُ ثُمَّ انْقَطَعَ فَذَلِكَ كُلُّهُ حَيْضٌ وَلَا يُجْزِئُهَا صَوْمُهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي طَهُرَتْ فِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِنْدَهُ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ إذَا كَانَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يَكُنْ فَاصِلًا عِنْدَهُ وَهُوَ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِأَنَّ الدَّمَ مُحِيطٌ بِطَرَفَيْ الْعَشَرَةِ وَكَذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لِأَنَّهَا رَأَتْ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّهِ وَزِيَادَةً وَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّ الدَّمَ غَالِبٌ عَلَى الطُّهْرِ فِي الْعَشَرَةِ فَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَحَيْضُهَا خَمْسَتُهَا لِأَنَّ عِنْدَهُ إذَا بَلَغَ الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَصِيرُ فَاصِلَا وَالِاسْتِقْصَاءُ فِي بَيَانِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ
(قَالَ) وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَالْكَدِرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ حَيْضٌ حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ الْخَالِصَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا تَكُونُ الْكَدِرَةُ حَيْضًا إلَّا بَعْدَ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْحَيْضَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الرَّحِمِ دُونَ الْخَارِجِ مِنْ الْعِرْقِ وَدَمُ الْحَيْضِ يَجْتَمِعُ فِي الطُّهْرِ فِي الرَّحِمِ ثُمَّ يَخْرُجُ الصَّافِي مِنْهُ ثُمَّ الْكَدِرَةُ فَأَمَّا دَمُ الْعِرْقِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْكَدِرَةُ أَوَّلًا ثُمَّ الصَّافِي وَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ هَذَا فَلْيَنْظُرْ فِي حَالِ الْمُفْتَصَدِ فَإِذَا خَرَجَتْ الْكَدِرَةُ أَوَّلًا كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا لَنَا عَلَى أَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ وَأَمَّا إذَا خَرَجَ الصَّافِي مِنْهُ أَوَّلًا ثُمَّ الْكَدِرَةُ عَرَفْنَا أَنَّهُ مِنْ الرَّحِمِ فَكَانَ الْكُلُّ حَيْضًا وَلَكِنَّا نَقُولُ مَا يَكُونُ حَيْضًا إذَا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي آخِرِ أَيَّامِهَا يَكُونُ حَيْضًا إذَا رَأَتْهُ فِي أَوَّلِ أَيَّامِهَا كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْحَيْضَ بِالنَّصِّ هُوَ الْأَذَى الْمَرْئِيُّ مِنْ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ وَالْكُلُّ فِي صِفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute