الْأَذَى سَوَاءٌ.
(قَالَ) وَأَلْوَانُ الدَّمِ سِتَّةٌ وَالْبَيَانُ الشَّافِي فِيهِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ. وَإِنَّمَا قَالَ حَتَّى تَرَى الْبَيَاضَ الْخَالِصَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ بِالْكَرَاسِفِ إلَيْهَا لِتَنْظُرَهَا فَكَانَتْ إذَا رَأَتْ كَدِرَةً قَالَتْ: لَا حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ يَعْنِي الْبَيَاضَ الْخَالِصَ قِيلَ هُوَ بَيَاضُ الْخِرْقَةِ وَقِيلَ هُوَ شِبْهُ خَيْطٍ دَقِيقٍ أَبْيَضَ تَرَاهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْكُرْسُفِ إذَا طَهُرَتْ
(قَالَ) فَإِنْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ حَيْضَتَانِ وَطُهْرَانِ لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ سُؤَالًا فَقَالَ: لَوْ رَأَتْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمْسَةً ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ خَمْسَةً أَلَيْسَ قَدْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَجَابَ فَقَالَ: إذَا ضَمَمْت إلَيْهَا طُهْرًا آخَرَ كَانَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالشَّهْرُ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ (وَيَحْكِي) أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَتْ: إنِّي حِضْت فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِشُرَيْحٍ: مَاذَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً مِنْ بِطَانَتِهَا مِمَّنْ يُرْضَى بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ قُبِلَ مِنْهَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قالون وَهِيَ بِلُغَةِ الرُّومِيَّةِ أَصَبْت وَمُرَادُ شُرَيْحٍ مِنْ هَذَا تَحْقِيقُ نَفْيِ أَنَّهَا لَا تَجِدُ ذَلِكَ وَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ
(قَالَ) وَمَا رَأَتْ النُّفَسَاءُ مِنْ الدَّمِ زِيَادَةً عَلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ تُصَلِّي فِيهَا وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا لِأَنَّ أَكْثَرَ النِّفَاسِ يَتَقَدَّرُ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا عِنْدَنَا وَبَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ فَكَانَتْ الْأَرْبَعُونَ لِلنِّفَاسِ كَالْعَشَرَةِ لِلْحَيْضِ فَكَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْعَشَرَةِ هُنَاكَ تَكُونُ اسْتِحَاضَةً فَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ هَاهُنَا.
(قَالَ) وَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي أَقَلِّ النِّفَاسِ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلدَّمِ الْخَارِجِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ مُشْتَقٌّ مِنْ تَنَفَّسَ الرَّحِمُ بِهِ وَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ فَإِذَا طَهُرَتْ كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّ مُعَاوَدَةَ الدَّمِ إيَّاهَا مَوْهُومَةٌ وَلَا يُتْرَكُ الْمَعْلُومُ بِالْمَوْهُومِ
(قَالَ): فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي النِّفَاسِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَطَهُرَتْ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا وَصَلَتْ وَصَامَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ عَاوَدَهَا الدَّمُ فَاسْتَمَرَّ بِهَا حَتَّى جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِينَ لِأَنَّ صَاحِبَةَ الْعَادَةِ فِي النِّفَاسِ كَصَاحِبَةِ الْعَادَةِ فِي الْحَيْضِ وَقَدْ بَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى عَادَتِهَا وَجَاوَزَ الْعَشَرَةَ تُرَدُّ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا وَتُجْعَلُ مُسْتَحَاضَةً فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَذَا مِثْلُهُ (قَالَ): وَلَا يُجْزِئُهَا صَوْمُهَا فِي الْعَشَرَةِ الَّتِي صَامَتْهَا قَبْلَ الثَّلَاثِينَ قَالَ الْحَاكِمُ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ مُسْتَقِيمٌ وَعَلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَرَى خَتْمَ النِّفَاسِ بِالطُّهْرِ إذَا كَانَ بَعْدَهُ دَمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute