أَنَّهُ إذَا تُخَمَّرَ عَصِيرُ الْمُسْلِمُ يَبْقَى مَمْلُوكًا لَهُ وَإِذَا مَاتَ قَرِيبُهُ عَنْ خَمْرٍ يَمْلِكُهَا بِالْإِرْثِ وَهُنَا إنْ اعْتَبَرْنَا جَانِبَ الْعَقْدِ فَالْعَاقِدُ مِنْ أَهْلِهِ وَهُوَ فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ كَالْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا جَانِبَ الْمِلْكِ فَلِلْمُسْلِمِ مِنْ أَهْلِ مِلْكِ الْخَمْرِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي جَانِبِ الْعَقْدِ إفْسَادُ التَّوْكِيلِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مُسْلِمًا يُعْتَبَرُ جَانِبُ الْعَقْدِ دُونَ الْمِلْكِ فَكَذَلِكَ فِي جَانِبٍ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَبِهِ فَارَقَ النِّكَاحُ فَالْوَكِيلُ فِي بَابِ النِّكَاحِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فَكَانَ الْعَاقِدُ هُوَ الْمُوَكَّلُ وَقَوْلُهُ بِأَنَّ الْمُوَكَّلَ يَمْلِكُ الْخَمْرَ بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَقْدُ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْعَاقِدِ ثُمَّ الْمُوَكِّلِ يَخْلُفُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَرَّرْنَا وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ بِهَذَا الطَّرِيقِ كَمَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ خَمْرًا فَإِنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُهَا عَلَى سَبِيلِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ
وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا كَانَ كَافِرًا وَاشْتَرَى خَمْرًا ثُمَّ عَجَزَ فَمَوْلَاهُ الْمُسْلِمُ يَمْلِكهَا بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ وَفَرْقُهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَكَاتِبَ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلِهَذَا لَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْمَوْلَى بِعُهْدَةِ تَصْرِفُهُمَا فَلِهَذَا اعْتَبَرْنَا حَالَهُمَا فَأَمَّا الْوَكِيلُ فَيَتَصَرَّفُ لِلْمُوَكَّلِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْعُهْدَةِ وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ فِي قَرَارِ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ بَاشَرَ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ فِي عَقْدِ الْوَكِيلِ لَهُ عَلَى الْخَمْرِ فَإِذَا تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْعَقْدِ عَلَى الْآمِرِ نَفَّذَ الْعَقْدَ عَلَى الْوَكِيلِ
قَالَ (وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِدَرَاهِمَ يُسَلِّمُهَا لَهُ فِي طَعَامٍ فَصَرَفَهَا الْوَكِيلُ بِدَرَاهِمَ غَيْرِهَا فَقَدْ خَالَفَ الْعَقْدُ فَكَانَ مُبَاشِرًا الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ ضَامِنًا لَمَا صَرَفَهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْآمِرِ بَعْدَ ذَلِكَ) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ دِينَارًا فَصَرَفَهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ فَهُوَ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي الْعَقْدِ وَالْبَدَلِ ثُمَّ أَسْلَمَ بِدَرَاهِمَ نَفْسِهِ فِي الطَّعَامِ فَكَانَ الطَّعَامُ لَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلدَّنَانِيرِ
قَالَ (وَإِذَا وَكَّلَهُ رَجُلَانِ أَنَّ يُسْلَمَ لَهُمَا فِي طَعَامٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ جَازَ لِأَنَّهُ حَصَّلَ مَقْصُودَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ) فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي عُقْدَةٍ أَوْ عُقْدَتَيْنِ وَإِذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ أَسْلَمَهَا كَانَ مُخَالِفًا ضَامِنًا لِأَنَّ دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَدِهِ أَمَانَةً فَيَصِيرُ بِالْخَلْطِ ضَامِنًا مُتَمَلِّكًا كَمَا هُوَ أَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ أَضَافَ عَقْدُ السَّلَمِ إلَى دَرَاهِمِ نَفْسِهِ فَكَانَ الطَّعَامُ لَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ خَلْطٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَإِنَّمَا حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ حُكْمًا لِاتِّحَادِ الْعَقْدِ حُكْمًا وَبِمِثْلِهِ لَا يَصِيرُ الْأَمِينُ ضَامِنًا وَإِنْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ حِدَةٍ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَضَى شَيْئًا فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ الْآمِرَيْنِ أَنَّهُ مِنْ حَقِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمِلْكُ لَمَا يُوفِي مِنْ الطَّعَامِ فَرَجَعَ فِي بَيَانِ مَا يَتَمَلَّكُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ هُوَ غَائِبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute