وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ أَنَّهَا تَحْلِبُ كَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ يَعْنِي أَنَّ اشْتِرَاطَ مِقْدَارٍ مِنْ الْبَيْعِ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْبَائِعِ إيجَادُهُ وَلَا طَرِيقَ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَكَانَ شَرْطًا بَاطِلًا فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ قَالَ: وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا مَا لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا تَحْلِبُ كَذَا وَكَذَا سَوَاءٌ اللَّبَنُ زِيَادَةُ مَالٍ مُنْفَصِلٍ وَلَا يَكُونُ لَبُونًا حَلُوبًا إلَّا بِهِ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ مَجْهُولَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا شَرْطُ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ وَلِأَنَّ هَذَا يُذْكَرُ عَلَى سَبِيلِ بَيَانِ الْوَصْفِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ كَمَا إذَا اشْتَرَى فَرَسًا عَلَى أَنَّهَا هِمْلَاجٌ أَوْ اشْتَرَى كَلْبًا عَلَى أَنَّهُ صَائِدٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا هُنَا وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْحَلُوبِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَطَ أَنَّهَا تَحْلِبُ كَذَا؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ بِاشْتِرَاطِ مِقْدَارِ لَبَنٍ فِي الضَّرْعِ لَا طَرِيقَ إلَى مَعْرِفَتِهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى سِمْسِمًا أَوْ زَيْتُونًا عَلَى أَنَّ فِيهِمَا مِنْ الدُّهْنِ كَذَا أَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطْحَنَ مِنْهَا كَذَا مَخْتُومَ دَقِيقٍ فَهَذَا شَرْطٌ بَاطِلٌ لَا طَرِيقَ لِلْبَائِعِ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ.
قَالَ وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً وَتَبَرَّأَ مِنْ الْحَبَلِ وَكَانَ بِهَا حَبَلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ فِي بَنَاتِ آدَمَ أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الرَّدِّ بِهِ فَإِنَّمَا تَبَرَّأَ الْبَائِعُ مِنْ الْعَيْبِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ، قَالَ: وَلَيْسَتْ الْبَرَاءَةُ فِي هَذَا كَالْبَهَائِمِ قِيلَ مَعْنَاهُ كَالشَّرْطِ فِي الْبَهَائِمِ فَإِنَّ الْحَبَلَ فِي الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ فَذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ شَرْطُ زِيَادَةٍ مَجْهُولَةٍ وَفِي الْآدَمِيَّةِ عَيْبٌ فَذِكْرُهُ يَكُونُ تَبْرِيئًا مِنْ الْعَيْبِ وَلَا يَكُونُ شَرْطَ زِيَادَةٍ مَجْهُولَةٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إذَا ذَكَرَ الْحَبَلَ فِي الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرِّي عَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ الْعَيْبُ فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَإِذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ عَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ شَرْطُ زِيَادَةٍ مَجْهُولَةٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَقَدْ ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يُرِيدُهَا لِلطُّؤْرَةِ فَحِينَئِذٍ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ قَصَدَ الْحَبَلَ بِالشَّرْطِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْكَى عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إنَّ شَرْطَ الْحَبَلِ إذَا وُجِدَ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَفْسُدْ بِهِ الْعَقْدُ وَإِنْ شَرَطَهُ الْمُشْتَرِي يَفْسُدْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَذْكُرُ الْحَبَلَ عَلَى وَجْهِ بَيَانِ الْعَيْبِ عَادَةً وَالْمُشْتَرِي يَذْكُرُ عَلَى وَجْهِ اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ.
قَالَ: رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِجَارِيَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ وَلِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النِّسَاءَ فَإِنْ قَبَضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute