للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارِيَةَ فَذَهَبَتْ عَيْنُهَا عِنْدَهُ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَفَوَاتُ النِّصْفِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرَى كَفَوَاتِ الْكُلِّ وَلَوْ هَلَكَتْ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهَا سَوَاءٌ هَلَكَتْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَكَذَلِكَ إذَا ذَهَبَ نِصْفُهَا، وَهَذَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَضْمُونَةً بِالْقَبْضِ، وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ بِالْقَبْضِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ فَإِنَّ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ إذَا ذَهَبَتْ عَيْنُهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ أَخَذَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا غَيْرُهُ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُهَا؛ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ شَرْعًا فَمَا دَامَتْ قَائِمَةً كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ ذَلِكَ الْفَاقِئُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ بِالْأَخْذِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهَا وَيَعُودُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ فَجِنَايَةُ الْفَاقِئِ كَانَتْ عَلَى مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَكَانَتْ كَالْمَغْصُوبَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ عَلَى الْفَاقِئِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَقَرَّرَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ حِينَ ضَمِنَ بَدَلَهُ وَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي ذَلِكَ.

وَإِنْ ضَمِنَ الْفَاقِئُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِجِنَايَتِهِ فَأَمَّا إذَا قَتَلَهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَاتِلٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَةَ إذَا قَتَلَهَا إنْسَانٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَتَخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاتِلَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَاةِ شِرَاءً فَاسِدًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَالْقَاتِلُ مِنْ الْقَاتِلِ جِنَايَةً عَلَى مُلْكِهِ فَيَتَخَيَّرُ فِي التَّضْمِينِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَاتِلَ بِالْقَتْلِ وَهُنَا قَدْ صَارَتْ الْجَارِيَةُ مَمْلُوكَةً لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَبِالْقَتْلِ يَتَعَذَّرُ فَسْخُ الْبَيْعِ فِيهَا وَلَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلِهَذَا تَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي تَضْمِينِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْقَاتِلَ وَفِي فَقْءِ الْعَيْنِ مَا تَعَذَّرَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِيهَا، وَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهَا بِالرَّدِّ كَانَتْ جِنَايَةُ الْفَاقِئِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلِذَلِكَ يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَاتِلَ بِالْقَتْلِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ بِالْقَبْضِ كَمَا فِي الْغَصْبِ، ثُمَّ إذَا ضَمَّنَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا فِي الْقَتْلِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ فِيهَا بِالْجِنَايَةِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا قَالَ: فَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ كَمَا هِيَ غَيْرَ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ وَالْوَلَدَ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ كَالْمَغْصُوبَةِ مُسْتَحَقَّةُ الرَّدِّ بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ.

وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْعَيْنِ وَوُجُوبُ الرَّدِّ كَانَ حُكْمًا مُتَقَرِّرًا فِيهَا فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ، وَلِأَنَّ مِلْكَ الْأَصْلِ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ وَالثَّابِتُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْأَصْلِ كَانَ مِلْكًا مُسْتَحَقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>