مَقْبُوضَةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ.
وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَا جَمِيعًا ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مَقْبُوضَةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَتَحَالَفَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَقْبُوضَةً يَتَحَالَفَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ كَمَا أَنَّ الْقِيمَةَ تَخْلُفُ الْعَيْنَ فَكَمَا أَثْبَتَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حُكْمَ التَّحَالُفِ وَالْفَسْخِ عِنْدَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَخْلُفُهَا وَهِيَ الْقِيمَةُ فَكَذَلِكَ أَثْبَتَ حُكْمَ التَّحَالُفِ عِنْدَ مَوْتِ الْعَاقِدِ بِاعْتِبَارِ مَنْ يَخْلُفُهُ وَهُوَ الْوَارِثُ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَرَّقَا فِي الْأَصْلِ بَيْنَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَى مَا يَخْلُفُهَا وَهُوَ الْقِيمَةُ بِأَنْ قُتِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَبَيْنَ هَلَاكِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فِي حُكْمِ التَّحَالُفِ فَكَذَلِكَ فِي مَوْتِ الْعَاقِدِ فَرَّقَا بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ وَصَاحِبُ الشَّرْعِ اعْتَبَرَ اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَقِيَامَ السِّلْعَةِ فَقَبِلَ الْقَبْضَ وَارِثُ الْبَائِعِ فِي مَعْنَى الْبَائِعِ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِ السِّلْعَةِ فَيُمْكِنُ إثْبَاتُ حُكْمِ التَّحَالُفِ فِيهِ بِالنَّصِّ فَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَارِثُ الْبَائِعِ لَيْسَ بِبَائِعٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَأَخَذَ فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَكَذَلِكَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا، وَلَا يُقَالُ: الْوَارِثُ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَكَذَلِكَ فِي الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ مِنْهُ بِاعْتِبَارِ الْخِلَافَةِ فِي الْمِلْكِ لَا فِي الْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ عَاقِدًا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا.
قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَدْ ازْدَادَتْ خَيْرًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَتَحَالَفَا فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ عَلَى الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا عِبْرَةَ بِهَا فِي عُقُودِ الْمُعَارَضَاتِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلِهَذَا قَالَ: لَا يُمْنَعُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فِي الطَّلَاقِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَمْنَعُ الْفَسْخَ كَمَا تُمْنَعُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ عِنْدَهُمَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْفَسْخُ امْتَنَعَ التَّحَالُفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ إلَّا فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهَا الْعَقْدُ وَلَا الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِيهَا فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ فِي الْأَصْلِ لِأَجْلِهَا كَالْمَوْهُوبَةِ إذَا زَادَتْ فِي بَدَنِهَا خَيْرًا لَا يَمْلِكُ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَذَّرَ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِهَلَاكِ الْعَبْدِ فِي الزِّيَادَةِ فَيَتَعَذَّرُ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَنْفَصِلُ عَنْ الْأَصْلِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَعَذُّرُ الْفَسْخِ فِي جَمِيعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِهَلَاكِهِ لَا يَمْنَعُ التَّحَالُفَ فَفِي الْبَعْضِ أَوْلَى، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ أَنَّهُمَا لَوْ تَبَايَعَا عِنْدَ الْجَارِيَةِ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ وَازْدَادَتْ فِي بَدَنِهَا ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ وَجَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَرَدَّهُ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الْجَارِيَةَ بِزِيَادَتِهَا فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute