للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلِيلُ مُحَمَّدٍ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ عَنْ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هُنَاكَ سَبَبُ الْفَسْخِ قَدْ تَقَرَّرَ وَهُوَ هَلَاكُ الْعَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَبِتَقَرُّرِ السَّبَبِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ ضَرُورَةً فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ أَصْلُ الْجَارِيَةِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْفَسْخِ فِيهَا ثُبُوتُهُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ بَيْعٌ مَحْضٌ وَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْبَيْعِ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ وَهُنَا سَبَبُ الْفَسْخِ التَّحَالُفُ وَلَمْ يَتَقَرَّرْ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَمْتَنِعُ التَّحَالُفُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ فِيهِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ فِي الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَالسَّمْنِ فِي التَّسْوِيقِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي حُكْمِ التَّحَالُفِ أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُفْسَخُ الْعَقْدُ عَلَى الْقِيمَةِ هُنَا أَوْ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مِنْ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْعَقْدِ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً.

فَإِنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْعَيْنِ كَالْجَارِيَةِ إذَا وَلَدَتْ أَوْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَهَا فَحُكْمُ التَّحَالُفِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي قُلْنَا إلَّا أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُفْسَخُ الْعَقْدُ عَلَى الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْ الْعَيْنِ تَمْنَعُ الْفَسْخَ بِالرَّدِّ فِي الْعَيْبِ عِنْدَهُ فَكَذَلِكَ بِالتَّحَالُفِ فَتَكُونُ الْجَارِيَةُ كَالْهَالِكَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَلَا تَمْنَعُ فَسْخَ الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ بِالتَّحَالُفِ، وَلَكِنَّهَا تُرَدُّ وَيُسَلَّمُ الْوَلَدُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْكَسْبِ وَالْعِلَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ وَفَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ بِالْإِقَالَةِ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ

وَإِنْ انْتَقَصَتْ السِّلْعَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ دَخَلَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا نَاقِصَةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْإِقَالَةَ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْبَائِعُ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ انْفَسَخَ بِالتَّحَالُفِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُفْسَخُ الْعَقْدُ عَلَى الْغَيْرِ إنْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ، وَإِنْ أَبَى فَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ هَالِكَةً

قَالَ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَقَدْ خَرَجَتْ السِّلْعَةُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا فِيمَا إذَا هَلَكَتْ السِّلْعَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَدْ رَجَعَتْ إلَيْهِ لِوَجْهٍ غَيْرِ الَّذِي خَرَجَتْ بِهِ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِلْكٌ حَادِثٌ فَاخْتِلَافُ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ فَكَمَا لَا يَجْرِي التَّحَالُفُ بِاعْتِبَارِ رُجُوعِ عَيْنٍ آخَرَ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ رُجُوعِ هَذِهِ الْعَيْنِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ

قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَهَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي الَّذِي بَاعَ نَصِيبَهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>