للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ خِيَارِ الشَّرْطِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ، وَأَنَّهُ أَجَازَ الرُّؤْيَةَ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ وَكَمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» فَقَدْ قَالَ أَيْضًا «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَهُوَ بَاطِلٌ» ثُمَّ جَوَازُ شَرْطِ الْخِيَارِ لِحَاجَةٍ وَهَذِهِ الْحَاجَةُ تُرْفَعُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِيمَا رَآهُ لِحَاجَةٍ

وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَسْقَطَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ خِيَارَهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ صَحَّ الْعَقْدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ زُفَرَ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ الشِّرَاءِ بِثَمَنٍ إلَى الْحَصَادِ، وَهَذَا لِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ، وَإِنَّمَا الْمُفْسِدُ وَصْلُ الْخِيَارِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ يَعْرِضُ الْفَصْلَ قَبْلَ مَجِيءِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَإِذَا فُصِلَ بِالْإِسْقَاطِ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، فَأَمَّا إذَا جَاءَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ قَبْلَ إسْقَاطِ الْخِيَارِ فَقَدْ تَقَرَّرَ الْمُفْسِدُ بِاتِّصَالِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْإِسْقَاطِ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا مَضَى فَلِهَذَا يَتَقَرَّرُ الْفَسَادُ بِهِ

قَالَ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَقَدْ انْقَطَعَ خِيَارُهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَمَاتَ الْبَائِعُ أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا جَمِيعًا فَمَاتَا فَقَدْ لَزِمَ الْبَيْعُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الْخِيَارُ فَإِنَّ الْخِيَارَ بَاقٍ وَلَا يُورَثُ خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُورَثُ وَيَقُومُ وَارِثُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَقَامَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ لَازِمٌ ثَبَتَ فِي عَقْدِ بَيْعٍ فَيَخْلُفُ الْوَارِثُ فِيهِ الْمُوَرِّثَ كَمَا فِي مِلْكِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَحَقِّ الْكَفَالَةِ وَالرَّهْنِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَا ثَابِتٍ فِي بَيْعٍ مُنْعَقِدٍ، وَبِخِلَافِ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْبَيْعِ، وَلَكِنَّهُ صِفَةُ الدَّيْنِ ثُمَّ الْإِرْثُ فِيمَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْوَارِثُ أَوْ الْمُوَرِّثُ، وَلَا مَنْفَعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إبْقَاءِ الْأَجَلِ، فَإِنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مُرْتَهَنَةٌ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ يُقْضَ عَنْهُ فَلَا نَبْسُطُ يَدَ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ لِقِيَامِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُورَثِ فَأَمَّا فِي تَوْرِيثِ الْخِيَارِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْوَارِثِ وَلِلْمُوَرِّثِ جَمِيعًا فَإِنَّ الضَّرَرَ وَالْعَيْنَ يُدْفَعُ بِهِ، وَرُبَّمَا يَقُولُونَ هَذَا خِيَارٌ ثَابِتٌ فِي عَيْنٍ مَبِيعَةٍ فَيَخْلُفُ الْوَارِثُ الْمُوَرِّثَ فِيهِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ؛ وَلِأَنَّ الْبَدَلَ الَّذِي مِنْ جَانِبِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ مَا بَقِيَ خِيَارُهُ، وَالْوَارِثُ يُخَالِفُ الْمُوَرِّثَ فِيمَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ فَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ بَاقِيًا لِلْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ إلَى وَقْتِ مَوْتِهِ انْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِهَذَا الِانْتِقَالِ فَمِنْ ضَرُورَةِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْوَارِثِ مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ انْتِقَالُ الْخِيَارِ إلَيْهِ لِيَقُومَ الْوَارِثُ مُقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي التَّصَرُّفِ بِحُكْمِهِ.

وَحُجَّتُنَا مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ إنَّ الْبَيْعَ مُنْعَقِدٌ مَعَ الْخِيَارِ، وَقَدْ كَانَ الْخِيَارُ مَشِيئَتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>