للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ صَاحِبِهِ يَفُوتُ مَقْصُودُهُ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُخْفِي شَخْصَهُ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَيَلْزَمُهُ الْعَقْدُ شَاءَ أَوْ أَبَى.

وَلِهَذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ رِضَاهُ فَكَذَلِكَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ حُضُورِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ فَلَوْ شَرَطْنَا حُضُورَ الْبَائِعِ فِيهِ لِلْفَسْخِ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ خِيَارِهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ هُنَاكَ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسَلَّطٍ عَلَى الْفَسْخِ، وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَإِذَا تَحَقَّقَ عَجْزُ الْبَائِعِ عَنْهُ تَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ فَلَا يَتَحَقَّقُ عَجْزُهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَا: إنَّهُ بِالْفَسْخِ يَلْزَمُ غَيْرُهُ حَقًّا فَلَا يَبْطُلُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْغَيْرِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَالْمُوَكِّلِ إذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ غَيْبَةً لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَزْلِ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ الْعَقْدَ مُنْعَقِدٌ مَعَ الْخِيَارِ وَبِالْفَسْخِ ارْتَفَعَ الِانْعِقَادُ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَحُكْمُ الْفَسْخِ ضِدُّ حُكْمِ الْعَقْدِ فَعَرَفْنَا أَنَّ بِتَصَرُّفِهِ يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ حَقًّا وَتَأْثِيرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْخِطَابِ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا فِي خِطَابِ الشَّرْعِ يُقَرِّرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَطْلُبُ لِسِلْعَتِهِ مُشْتَرِيًا آخَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ تَمَّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَإِذَا جَاءَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ فَسَخَ الْعَقْدَ فَلَوْ ثَبَتَ حُكْمُ الْفَسْخِ فِي حَقِّهِ لَتَضَرَّرَ الْبَائِعُ بِهِ وَهَذَا ضَرَرٌ يَلْحَقُهُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْفَسْخِ قَبْلَ عِلْمِهِ فِي حَقِّهِ فَالْمُشْتَرِي وَإِنْ تَضَرَّرَ وَلَكِنَّ هَذَا ضَرَرٌ يَلْحَقُهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ بَلْ لِعَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ اتِّحَادِ شَرْطِ صِحَّةِ الْفَسْخِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُ الْبَائِعَ بِإِجَارَتِهِ شَيْءٌ وَهُوَ نَظِيرُ الرِّضَى بِالْعَيْبِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَصِيرُ غَيْرَ لَازِمٍ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَيَلْتَحِقُ بِالْعُقُودِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَالْوَكَالَاتِ وَالشَّرِكَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ فَسْخَ هَذِهِ الْعُقُودِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَتَقْرِيرُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ بِتَسْلِيطِهِ إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَكَيْفَ يُقَالُ هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ؟، وَلَكِنْ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي حَقِّهِ وَبِانْعِدَامِ صِفَةِ اللُّزُومِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَسْخِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَمَا فِي الْوَكَالَاتِ وَالشَّرِكَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُسَلَّطٌ عَلَى التَّصَرُّفِ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكَّلِ بِتَسْلِيطِهِ إيَّاهُ عَلَى التَّصَرُّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>