للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَإِنْ قَامَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْبَائِعِ تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَثَ بِهِمَا جَمِيعًا عَيْبٌ فَاخْتَلَفَا فِي الَّذِي أَصَابَهُ الْعَيْبُ أَوَّلًا، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ فِي حَقِّهِ قَبْلَ الْمُشْتَرِي

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ الْبَيْعَ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ عَبْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّعَيُّبَ حَصَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي خِيَارَ الْبَائِعِ وَمَحِلُّ الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْقَطْعِ قَائِمٌ فَيَبْقَى عَلَى خِيَارِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الْعَبْدِ يُخَيَّرُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْجَانِي أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ فَالْجِنَايَةُ مِنْ الْقَاطِعِ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَلَكِنَّ ضَمَانَ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فِي التَّضْمِينِ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِذَا اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْقَاطِعِ لَمْ يَرْجِعْ الْقَاطِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَاطِعَ ضَمِنَ بِجِنَايَتِهِ وَإِنْ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الضَّمَانَ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ الْقَاطِعِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ كَالْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي قَطَعَ يَدَهُ فَهَذَا مِنْهُ رَدٌّ لِلْبَيْعِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَهُوَ قَدْ اسْتَرَدَّ نِصْفَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي الِاسْتِرْدَادِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ الْعَقْدُ لَا يَتَجَزَّأُ وَفَسْخُهُ الْبَيْعَ فِي النِّصْفِ بِالِاسْتِرْدَادِ يَكُونُ فَسْخًا فِي الْكُلِّ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ

قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَقَدْ انْقَطَعَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالْوِلَادَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَطِئَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِفُجُورٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ إيَّاهَا دَلِيلُ الرِّضَا وَوَطْءُ الْغَيْرِ إيَّاهَا بِالْفُجُورِ تَعَيُّبٌ لَهَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مُسْقِطٌ لِخِيَارِهِ الْمُسْتَوْفَى بِالْحُكْمِ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ آخِرِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ مَا يُمْلَكُ بِالنِّكَاحِ وَالْمَمْلُوكُ بِالنِّكَاحِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ مُؤَيَّدًا وَاسْتِيفَاءُ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ مُسْقِطٌ لِخِيَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَوْفِي هُوَ أَوْ غَيْرَهُ

قَالَ: مُسْلِمٌ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمُشْتَرِي فِي الثَّلَاثَةِ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْعَبْدَ وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ وَلَا الْكُفْرُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مَشِيئَتَهُ لَا تَنْقَطِعُ بِرِدَّتِهِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا خِيَارُهُ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ فَرَدُّهُ بِالْخِيَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْ الْمُرْتَدِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِيَارُهُ يَمْنَعُ دُخُولَ الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ بِالرَّدِّ يَمْتَنِعُ مِنْ التَّمَلُّكِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ غَيْرُهُ شَيْئًا وَرِدَّتُهُ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ لَا خِلَافَ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>