للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّدُّ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُنَا الْخِيَارُ لِلْجَهْلِ بِأَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ عَلَى مَالٍ كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يُورَثُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا هُوَ مَالٌ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يُورَثُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ قَالَ: فَإِنْ رَأَى بَعْضَ الثِّيَابِ فَهُوَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ تَتَفَاوَتُ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ.

وَإِذَا أَرَادَ الرَّدَّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا لَمْ يَرَهُ خَاصَّةً وَلَكِنْ يَرُدُّ الْكُلَّ أَوْ يُمْسِكُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْنَعُ اللُّزُومَ لِعَدَمِ تَمَامِ الرِّضَا فَكَمَا أَنَّ مَنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ بِلُزُومِ الْعَقْدِ.

فَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ إنَّمَا تَتِمُّ بِالْقَبْضِ بِاعْتِبَارِ تَمَامِ الرِّضَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ فَهُنَاكَ الصَّفْقَةُ تَتِمُّ بِالْقَبْضِ لِتَمَامِ الرِّضَا بِهِ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ صِفَةُ السَّلَامَةِ قَالَ وَلَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَعْضِ الْهَالِكِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّ الْهَالِكِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ الصَّفْقَةَ فِي الرَّدِّ قَبْلَ التَّمَامِ فَمِنْ ضَرُورَةِ تَعَذُّرِ الرَّدِّ فِي الْهَالِكِ تَعَذُّرُ الرَّدِّ فِيمَا بَقِيَ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: لَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِإِلْزَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ فَبِهَلَاكِ الْبَعْضِ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْقُطَ خِيَارُهُ فِيمَا بَقِيَ، وَلَكِنَّهُ قَبْلَ الْهَلَاكِ بِاخْتِيَارِهِ رَدَّ الْبَعْضِ هُوَ فَاسِدٌ لِلْإِضْرَارِ بِالْبَائِعِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ كُلُّ حَيَوَانٍ أَوْ عَرَضٍ

فَأَمَّا السَّمْنُ وَالزَّيْتُ وَالْحِنْطَةُ فَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا اشْتَرَاهَا بَعْدَ رُؤْيَةِ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَا يَتَفَاوَتُ فَبِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ تَصِيرُ صِفَةُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَعْلُومًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَعْرِضُ بِالنَّمُوذَجِ فَرُؤْيَةُ جُزْءٍ مِنْهُ يَكْفِي لِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ فِيهِ وَمَا لَا يَعْرِضُ بِالنَّمُوذَجِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَفِيمَا يَعْرِضُ بِالنَّمُوذَجِ إنَّمَا يَلْزَمُ إذَا كَانَ مَا لَمْ يَرَهُ مِثْلَ مَا رَآهُ أَوْ أَجْوَدَ مِمَّا رَأَى، فَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِمَّا رَأَى فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالصِّفَةِ الَّتِي رَأَى فَإِذَا تَغَيَّرَ لَمْ يَتِمَّ الرِّضَا بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَغَيَّرَ وَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ التَّغَيُّرَ بَعْدَ ظُهُورِ سَبَبِ لُزُومِ الْعَقْدِ وَهُوَ رُؤْيَةُ جُزْءٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الْعَيْبِ فِي الْمُشْتَرَى، وَلَوْ ادَّعَى عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَهَذَا مِثْلُهُ

قَالَ: وَإِذَا رَأَى مَتَاعًا مَطْوِيًّا، وَلَمْ يَقِسْهُ وَلَمْ يَنْشُرْهُ فَاشْتَرَاهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ يُسْتَدَلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>