للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُودِيَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مُنَجَّمًا فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ نَجْمًا فَقَدْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْفَصْلِ قَالَ: بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ حَالٌّ وَبِأَنْ سَامَحَهُ الْبَائِعُ وَاسْتَوْفَى الثَّمَنَ مِنْهُ مُنَجَّمًا لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ بِالنَّصِّ، وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ مَشْرُوطًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَرَثَةَ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ تُسْتَحَقُّ بِالْعُرْفِ وَتُجْعَلُ كَالْمَشْرُوطِ فَهَذَا قِيَاسُهُ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى خَادِمًا فَاعْوَرَّتْ أَوْ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا فَأَصَابَهُ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَقَالَ زُفَرُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُبَيِّنْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ مَعِيبٍ بِمَا سَمَّى مِنْ الْبَدَلِ لَمْ يَلْزَمْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ رِبْحًا مَا لَمْ يُبَيِّنْ بَعْدَمَا تَعَيَّبَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ لِلْأَوْصَافِ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةً وَأَنَّ التَّعَيُّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَبِصُنْعِ الْعِبَادِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَكِنَّا نَقُولُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ حَابِسٍ شَيْئًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ السِّعْرُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْفَائِتَ وَصْفٌ فَيَكُونُ تَبَعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ إذَا فَاتَ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا الْبَدَلُ بِمُقَابَلَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً، أَرَأَيْتَ لَوْ اصْفَرَّ الثَّوْبُ أَوْ تَوَسَّخَ أَوْ نُكِسَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ ذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: هَذَا إذَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ شَيْئًا يَسِيرًا، فَإِنْ نَقَصَهُ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هَدَرًا، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يَتَبَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ حَابِسٌ لِجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ بِمَا أَحْدَثَ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ وَمَا يَكُونُ بَيْعًا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ كَانَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةٌ كَالْبَائِعِ إذَا أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ أَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَيَّبَ بِغَيْرِ فِعْلٍ، وَكَذَلِكَ إنْ عَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَفِعْلِ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ جُنَاةٌ مُوجِبَةٌ ضَمَانَ النُّقْصَانِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي حَابِسًا بَدَلَ جُزْءٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ، فَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي وَلَا الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ عَيْبٌ وَلَكِنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ عِلَّةِ الدَّابَّةِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْخَادِمِ شَيْئًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً عَلَى ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ بِمُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْعَيْبِ فَلَا يَكُونُ حَابِسًا شَيْئًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِهَا وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَاسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِهَا مُرَابَحَةً، وَهَذَا لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِإِزَاءِ مَا نَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>