للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْمَنْفَعَةِ

قَالَ: وَإِذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ السَّائِبَةُ أَوْ أَثْمَرَ النَّخِيلُ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْأَصْلِ مَعَ الزِّيَادَةِ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْبِسْ شَيْئًا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَهُوَ نُقْصَانٌ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ وَبِإِزَائِهِ مَا يَجْبُرُهُ وَهُوَ الْوَلَدُ وَفِي مِثْلِ هَذَا النُّقْصَانِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِزَاءِ النُّقْصَانِ مَا يَجْبُرُهُ فَإِذَا كَانَ بِإِزَائِهِ مَا يَجْبُرُهُ أَوْلَى، فَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ لَمْ يَبِعْ الْأَصْلَ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ مَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا اُسْتُهْلِكَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْعَيْنِ وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ جُزْءٌ مِنْ عَيْنِهَا لَمْ يَبِعْهَا مُرَابَحَةً بِغَيْرِ بَيَانٍ فَكَذَا إذَا اسْتَهْلَكَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْعَيْنِ

قَالَ، وَكَذَلِكَ أَلْبَانُ الْغَنَمِ وَأَصْوَافُهَا وَسُمُونُهَا إذَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَا يَبِيعُ الْأَصْلَ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ مَا أَصَابَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ مَا أَصَابَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ عَيْنِهَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْعَيْنِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ رَدَّ الْأَصْلِ بِالْعَيْبِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْعُيُوبِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: فَإِنْ كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مَا يُسَاوِي ذَلِكَ فِي عَلْفِهَا وَمَا يُصْلِحُهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الزِّيَادَةِ بِاعْتِبَارِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ، وَالْغُنْمُ مُقَابَلٌ بِالْغَرَرِ وَلِأَنَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ يُعْتَبَرُ عُرْفُ التُّجَّارِ وَمِنْ عَادَاتِهِمْ إذَا أَنْفَقُوا بِقَدْرِ مَا أَصَابُوا مِنْ الزِّيَادَةِ لَا يَعُدُّونَ ذَلِكَ خِيَانَةً فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَإِنْ هَلَكَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً وَلَا يُبَيِّنُ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَقَصَتْ الْأُصُولُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَصَلَ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ فِي الْقِصَارَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِرَاءِ وَيَقُولُ: قَامَ عَلَى كَذَا وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا فَإِنَّهُ كَذِبٌ، وَهَذَا لِأَنَّ عُرْفَ التُّجَّارِ مُعْتَبَرٌ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِلْحَاقِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُلْحِقَهُ بِهِ وَمَا لَا فَلَا أَوْ يَقُولُ: مَا أَثَّرَ فِي الْمَبِيعِ فَتَزْدَادُ بِهِ مَالِيَّتُهُ صُورَةً أَوْ مَعْنًى فَلَهُ أَنْ يُلْحِقَ مَا أَنْفَقَ فِيهِ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَالْقِصَارَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَصْفٌ فِي الْعَيْنِ تَزْدَادُ بِهِ الْمَالِيَّةُ وَالْكِرَاءُ كَذَلِكَ مَعَنَا؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ مَالِهِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فَنَقْلُهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان لَا يَكُونُ إلَّا بِكَرًى وَلَكِنَّهُ بَعْدَ إلْحَاقِ ذَلِكَ بِرَأْسِ الْمَالِ لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا يَكُونُ كَذِبًا فَإِنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ بِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا فَهُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَقُومُ عَلَيْهِ بِمَا يَغْرَمُ فِيهِ وَقَدْ غَرِمَ فِيهِ الْقَدْرَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرِهِ مِنْ طَعَامٍ وَلَا كِرَاءٍ وَلَا مُؤْنَةٍ لِانْعِدَامِ الْعُرْفِ فِيهِ ظَاهِرًا وَلِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>