للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ التَّوْلِيَةَ بِنَاءً عَلَى السَّبَبِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ كَالْإِقَالَةِ لَمَّا كَانَتْ فَسْخًا عِنْدَ الْأَوَّلِ فَمَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْعَقْدِ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي الْإِقَالَةِ فَأَمَّا الْمُرَابَحَةُ فَلَيْسَتْ تُبْنَى عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

وَإِنْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْعِيَارُ فِي الثَّمَنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا سَمَّيَا فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فِيهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ سَبَبٌ مُبْتَدَأٌ بَاشَرَاهُ بِاخْتِيَارِهِمَا فَيَنْعَقِدُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِيهِ يُقَرِّرُهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي التَّوْلِيَةِ إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ وَتَسْمِيَةِ مِقْدَارِ خِيَانَةٍ فِيهِ فَيَكُونُ لَغْوًا أَيْضًا وَفِي الْمُرَابَحَةِ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَتَعْيِينِ قَدْرِ الرِّبْحِ فَكَانَ انْعِقَادُهَا بِالتَّسْمِيَةِ الثَّانِيَةِ فَيَنْعَقِدُ بِجَمِيعِ مَا سَمَّيَا فِيهَا، وَفَرَّقَ آخَرَانِ فِي إثْبَاتِ الْخِيَانَةِ فِي التَّوْلِيَةِ تَغَيُّرُ الْعَقْدِ عَنْ مَوْضُوعِ مَا صَرَّحَا بِهِ لَأَنْ يَصِيرَ الْبَيْعُ مُرَابَحَةً لَا تَوْلِيَةً وَقَدْ صَرَّحَا بِالتَّوْلِيَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا نَفْيًا لِمِقْدَارِ الْخِيَانَةِ،؛ فَأَمَّا فِي الْمُرَابَحَةِ لَوْ أَثْبَتْنَا جَمِيعَ الْمُسَمَّى لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْعَقْدُ عَنْ مَوْضُوعِ مَا صَرَّحَا بِهِ فَإِنَّمَا صَرَّحَا بِبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ مُرَابَحَةٌ إلَّا أَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ دَلَّسَ بِتَسْمِيَةِ بَعْضِ رِبْحِهِ رَأْسَ الْمَالِ فَكَانَ ذَلِكَ مُثْبِتًا الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِذَا سَقَطَ خِيَارُهُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَنَعَ ذِرَاعًا مُرَابَحَةً لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ عَلَى ذَرَعَانِ الثَّوْبِ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّ ثَمَنَ النِّصْفِ مَعْلُومٌ يَقِينًا، وَهَذَا لِأَنَّ النِّصْفَ جُزْءٌ شَائِعٌ فَلَا يَتَفَاوَتُ وَالذِّرَاعُ اسْمٌ لِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ يَقَعُ عَلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ فِي الثَّوْبِ

قَالَ وَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ أَيَّ النِّصْفَيْنِ شَاءَ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كُلَّ نِصْفٍ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ فَيُجْعَلُ كُلُّ نِصْفٍ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ عَلَى حِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ بَاعَ كُلَّهُ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَامَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدَيْنِ جَمِيعًا بِثَلَثِمِائَةٍ وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ بَيْعٌ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ

قَالَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَهَبَ لَهُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ حَطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا بَقِيَ لِلْفَرْقِ الَّذِي بَيَّنَّا بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِ الِالْتِحَاقِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِالثَّمَنِ عَرَضًا أَوْ أَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاضِيًا لِهَذَا الثَّمَنِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَكَأَنَّهُ قَضَاهُ مُشَاهَدَةً، وَلِأَنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا يَمْلِكُ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْمُسَمَّى عِنْدَ الشِّرَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً

قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ فَنَقَدَهَا زُيُوفًا وَتَجَوَّزَ الْبَائِعُ عَنْهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ جِيَادٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>