للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْجِيَادِ وَبِمَا نَقَدَ مِنْ الزُّيُوفِ صَارَ قَابِضًا لِمَا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ ذَلِكَ فِي السَّلَمِ وَالصَّرْفِ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةِ نَقْدٍ فَلَمْ يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ شَهْرًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْعَشَرَةِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِالنَّقْدِ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ شَهْرًا لَا يَخْرُجُ الثَّمَنُ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَقْدًا فَلَمْ يَجْعَلْ تَجَوُّزَ الْبَائِعِ بِالزُّيُوفِ وَتَرْكَهُ الْمُطَالَبَةَ بِالثَّمَنِ مُدَّةً بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْقَدْرُ الْمَحْطُوطُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ مُغَيِّرًا الْوَصْفَ، وَهُنَا يَتْرُكُ الْمُطَالَبَةَ بِالثَّمَنِ زَمَانًا لَا يَلْتَحِقُ شَيْءٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ بِالتَّجَوُّزِ بِالزُّيُوفِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْعَشَرَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْوَصْفِ مِنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يَصِيرَ الْبَيْعُ مَقْصُودًا فِيمَا هُوَ بَيْعٌ فِيهِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ

قَالَ: فَإِنْ وَهَبَ الثَّوْبَ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ بِالرُّجُوعِ يَعُودُ الْعَيْنُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ سَوَاءٌ رَجَعَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الْهِبَةِ وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ فَسَادِ بَيْعٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ إقَالَةٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَقَدْ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ مُتَرَدِّدٌ كَالْإِقَالَةِ فَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَقَدْ تَمَلَّكَ فِيهِ الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ فَبَيْعُهُ مُرَابَحَةً عَلَيْهِ، وَلَوْ تَمَّ الْبَيْعُ فِيهِ رَجَعَ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّهُ مَا عَادَ إلَيْهِ الْمِلْكُ الْمُسْتَفَادُ بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ يَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّمَا يَبْقَى لَهُ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَاهُ مُوَرِّثُهُ بِهِ لَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ قَدْ تَحَدَّدَتْ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ هُوَ الَّذِي كَانَ لِمُوَرِّثِهِ، وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ فَقَدْ يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ بِسَبَبِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَكُونُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ اشْتَرَى الْعَبْدَ أَوْ الْمُكَاتَبَ مِنْ مَوْلَاهُ بِثَمَنٍ قَدْ قَامَ عَلَى الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً إلَّا بِاَلَّذِي قَامَ عَلَى الْبَائِعِ فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ عَلَى مَا يَتَيَقَّنُ بِخُرُوجِهِ فِي مِلْكِهِ بِمُقَابَلَةِ هَذَا الْعَيْنِ وَهُوَ الْمَدْفُوعُ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا الرِّبْحُ الَّذِي حَصَلَ لِعَبْدِهِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لَوْلَاهُ، وَمَا حَصَلَ لِمُكَاتَبِهِ مِنْ وَجْهٍ كَانَ لَهُ أَيْضًا فَلِلْمَوْلَى حَقُّ الْمِلْكِ فِي الْمُكَاتَبِ وَيَنْقَلِبُ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ لِعَجْزِهِ وَلِأَنَّ تُهْمَةَ الْمُسَامَحَةِ تَتَمَكَّنُ فَالْإِنْسَانُ يُسَامِحُ فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَ عَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَنْهُ مَا يَحْصُلُ لَهُمَا وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ بَيْعُ أَمَانَةٍ يَنْفِي عَنْهُ كُلَّ تُهْمَةٍ وَخِيَانَةٍ فَأَمَّا فِي غَيْرِ الْمَمَالِيكِ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَالْأَزْوَاجِ وَالزَّوْجَاتِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>