للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -: لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ لِتَبَايُنِ الْأَمْلَاكِ بَيْنَهُمَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ مِلْكٌ وَلَا حَقُّ مِلْكٍ فَهُمَا فِي ذَلِكَ كَالْأَخَوَيْنِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: مَا يُحَصِّلُهُ الْمَرْءُ لِهَؤُلَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا يُحَصِّلُ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِهَؤُلَاءِ فَبِاعْتِبَارِ هَذَا الْوَجْهِ صَارُوا فِي حَقِّهِ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَلِأَنَّ مُسَامَحَةَ بَعْضِ هَؤُلَاءِ مَعَ الْبَعْضِ فِي الْمُعَامَلَةِ أَمْرٌ ظَاهِرٌ، وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ يُؤْخَذُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ فَلَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَتَيَقَّنُ بِالِالْتِزَامِ فِيهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُسَامَحَةِ، وَذَلِكَ أَقَلُّ الثَّمَنَيْنِ كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِثَوْبٍ قَدْ قَامَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ هَذَا الثَّوْبَ بِالْعَقْدِ الثَّانِي فَالْعِوَضُ مَا كَانَ مَذْكُورًا فِيهِ وَلَا مِثْلَ لِلثَّوْبِ مِنْ جِنْسِهِ فَلِهَذَا لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا اشْتَرَى بِهِ وَلَا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ هَذَا الثَّوْبِ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلَانِ عَدْلَ زُطِّيٍّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمَاهُ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيمَا تَتَفَاوَتُ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَأْخُذُ مَا يُصِيبُهُ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ وَنِصْفَهُ عِوَضًا عَمَّا تَرَكَ لِصَاحِبِهِ فَيَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ مُرَابَحَةً، يُوَضِّحُهُ أَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِأَنَّ مَا يُصِيبُهُ بِالْقِسْمَةِ هُوَ النِّصْفُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْحَرْزِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ لَوْ مَيَّزَا بَعْضَ الثِّيَابِ وَأَرَادَا بَيْعَ ذَلِكَ مُرَابَحَةً عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكَا ذَلِكَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَبِهِ فَارَقَ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِهِ عَيْبٌ قَدْ دُلِّسَ عَلَيْهِ فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ رَضِيَ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَيْهِ، وَسَبَبُ الْعَيْنِ يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ فَإِسْقَاطُهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْبَيْعِ مُرَابَحَةً كَمَا لَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ أَوْ رُؤْيَةٌ فَأُسْقِطَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً فَخَانَهُ صَاحِبُهُ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الثَّابِتَ لَهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ الْخِيَارُ فَقَطْ

قَالَ: وَإِذَا وَلَّى رَجُلٌ رَجُلًا بَيْعًا بِمَا قَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ الْأَوْسَطِ أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ فِيهِ، وَقَدْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْفَضْلِ وَتَمَّ لَهُ الْبَيْعُ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَنَا الشُّبْهَةُ فِي حَرْفٍ وَهُوَ أَنَّهُ سَمِعَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي الْآخَرَ أَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى فِي التَّوْلِيَةِ مِنْهُ حَتَّى سَمِعَ بَيِّنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَحْلَفَهُ عَلَى ذَلِكَ خَصْمُهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ. مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَقُولُ: هُوَ مُنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْمُنَاقِضُ لَا قَوْلَ لَهُ وَلَا طَرِيقَ لِظُهُورِ ذَلِكَ إلَّا إقْرَارُ الْبَائِعِ الْأَوْسَطِ بِهِ وَمِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>