للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ عَبْدًا لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ بَيْعُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ» فَفِي هَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ عَنْ الْعَيْبِ وَتَفْسِيرُ الدَّاءِ فِيمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْمَرَضُ فِي الْجَوْفِ وَالْكَبِدِ قَالَ الْمَرَضُ مَا يَكُونُ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ وَالدَّاءُ مَا يَكُونُ فِي الْجَوْفِ وَالْكَبِدِ وَالرِّئَةِ وَفِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الدَّاءُ الْمَرَضُ وَالْغَائِلَةُ لَا تَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأَفْعَالِ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِبْثَةُ هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ وَقِيلَ الْجُنُونُ ثُمَّ الْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَةِ الْعُيُوبِ إلَى عُرْفِ التُّجَّارِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ فَمَا يَعُدُّونَهُ عَيْبًا فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ أَوْ مَا يُنْقِصُ الْمَالِيَّةَ فَهُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْبَيْعِ الِاسْتِرْبَاحُ، وَذَلِكَ بِالْمَالِيَّةِ فَمَا يُنْقِصُ الْمَالِيَّةَ فَهُوَ يُمْكِنُ خَلَلًا فِي الْمَقْصُودِ وَذَلِكَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْعَبْدَ مُخَنَّثًا، فَهَذَا مِمَّا يَعُدُّهُ التُّجَّارُ عَيْبًا فَيُمْكِنُ نُقْصَانًا فِي مَالِيَّتِهِ وَفِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِمِلْكِ الْعَبْدِ، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ فِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَهُ سَارِقًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِخْدَامُهُ إذْ لَا يَأْتَمِنُهُ عَلَى مَالِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ حِفْظُ مَالِهِ عَلَيْهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَإِنْ سَرَقَ مَالَ الْغَيْرِ يُقْطَعُ بِسَبَبِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَهُ كَافِرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذْ لَا عَيْبَ تَبْلُغُ دَرَجَتُهُ دَرَجَةَ الْكُفْرِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِخْدَامِهِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ نَحْوَ اتِّخَاذِ الْمَاءِ لِطَهُورِهِ وَحَمْلِ الْمُصْحَفِ إلَيْهِ وَالْكَافِرُ نَجَسٌ لَا يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَهُ بِخِلَافِ شَرْطِهِ وَلَهُ فِي هَذَا الشَّرْطِ غَرَضٌ فَرُبَّمَا قَصَدَ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ مِنْ الْأُمُورِ وَلَا يَسْتَخِيرُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يُسْتَخْدَمَ الْمُسْلِمَ فِي مِثْلِهِ، فَإِذَا فَاتَ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ يُمَكَّنُ مِنْ رَدِّهِ وَأَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالُوا الْكُفْرُ عَيْبٌ فَذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ لَا يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرِّي مِنْ الْعَيْبِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ، فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ وَجَدَهَ أَزْيَدَ مِمَّا شَرَطَ وَثُبُوتُ حَقِّ الرَّدِّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، فَإِذَا وَجَدَهُ أَزْيَدَ مِمَّا شَرَطَ فَلَا حَاجَةَ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ حَقِّ الرَّدِّ لَهُ.

قَالَ وَإِنْ وَجَدَ الْغُلَامَ زَانِيًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ عَيْبَ الزِّنَا كَعَيْبِ السَّرِقَةِ أَوْ فَوْقَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْجَارِيَةِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَيْبٌ فَكَذَلِكَ فِي الْغُلَامِ وَلَكِنَّا نَقُولُ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ فَحْلٌ فَوَجَدَهُ أَفَحْلَ ثُمَّ الَّذِي بِهِ لَيْسَ إلَّا تَمَنِّي الزِّنَا فَإِنَّ تَمَنِّيَ الزِّنَا مَعْدُومٌ فِي حَقِّهِ فَإِنَّ فِعْلَ الزِّنَا لَا يَتَهَيَّأُ لِلْعَبْدِ إلَّا بِمَالٍ وَلَا مَالَ لَهُ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَبْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>