الِاسْتِخْدَامُ فِي أُمُورٍ خَارِجَ الْبَيْتِ وَزِنَاهُ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْمَوْلَى، وَأَمَّا فِي الْجَارِيَةِ فَالْمَقْصُودُ هُوَ الِاسْتِفْرَاشُ وَزِنَاهَا يُخِلُّ بِهَذَا الْمَقْصُودِ فَإِنَّهَا تُلَوِّثُ عَلَيْهِ فِرَاشَهُ وَقِيلَ فِي الْغُلَامِ إذَا صَارَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ الْخَلَلُ فِي مَقْصُودِهِ فَكُلَّمَا يُوَجِّهُهُ فِي حَاجَتِهِ ذَهَبَ فِي مُتَابَعَةِ هَوَاهُ فَهُوَ كَالسَّرِقَةِ فَإِنَّهَا تَخِلُّ بِالِاسْتِخْدَامِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا، وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ الْعَبْدَ وَلَدَ زِنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ؛ وَلِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَمَالِيكِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا تُعْرَفُ أَنْسَابُهُمْ فَأَمَّا الْجَارِيَةُ إذَا كَانَتْ وَلَدَ زِنًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِمَقْصُودَةِ مِنْهَا، وَهُوَ الِاسْتِيلَادُ فَإِنَّ وَلَدَهُ يُعَيَّرُ بِأُمِّهِ إذَا كَانَتْ وَلَدَ زِنًا وَعَلَى هَذَا الْغُلَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا أَوْ الْجَارِيَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَخْفُوضَةً فَفِي الْحِلْيَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْب هَذَا لَا يَكُونُ عَيْبًا لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَفِي الْمُولَدِ لَا يَكُون عَيْبًا فِي الصَّغِيرِ أَيْضًا وَيَكُونُ عَيْبًا بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْمُولَدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُتْرَكُ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ وَالتُّجَّارُ يَعُدُّونَ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الْمُولَدِ.
قَالَ: وَالثُّؤْلُولُ عَيْبٌ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْقِصُهُ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ فَيُعْتَبَرُ نُقْصَانُ الْمَالِيَّةِ بِسَبَبِهِ وَالْخَالُ كَذَلِكَ فَقَدْ يَكُونُ الْخَالُ رُتْبَةً لَا تُنْقِصُ مِنْ الْمَالِيَّةِ، وَهُوَ إذَا كَانَ عَلَى الْخَدِّ وَقَدْ يَشِينُهُ إذَا كَانَ عَلَى رَأْسِ الْأَرْنَبَةِ وَذَلِكَ يُنْقِصُ مِنْ الْمَالِيَّةِ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يُنْقِصَهُ مِنْ الثَّمَنِ.
قَالَ وَالصُّهُوبَةُ فِي الشَّعْرِ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ التُّجَّارَ يَعُدُّونَهُ عَيْبًا وَكَذَلِكَ الشَّمَطُ فَإِنَّ الشَّمَطَ فِي أَوَانِهِ مِنْ الْهَرَمِ وَالْهَرَمُ عَيْبٌ وَفِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَمِنْ دَاءٍ فِي الْبَاطِنِ، وَهُوَ عَيْبٌ ثُمَّ اللَّوْنُ الْمُسْتَوِي لِلشَّعْرِ السَّوَادُ فَمَا سِوَى ذَلِكَ إذَا كَانَ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَعُدُّهُ التُّجَّارُ عَيْبًا ثَبَتَ بِهِ حَقُّ الرَّدِّ.
قَالَ وَالْبَخَرُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ وَلَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ دَاءٍ، وَهُوَ نَتْنٌ فِي الْفَمِ وَهَذَا يُخِلُّ بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْجَارِيَةِ، وَهُوَ الِاسْتِفْرَاشُ وَلَا يُخِلُّ بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغُلَامِ لِأَنَّهُ يَسْتَخْدِمُهُ بِالْبُعْدِ مِنْ نَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ دَاءٍ فَالدَّاءُ نَفْسُهُ عَيْبٌ قَالَ وَالذَّفَرُ كَذَلِكَ، وَهُوَ نَتْنُ الْإِبْطِ، وَهُوَ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنْ الْجَارِيَةِ دُونَ الْغُلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا لَا يَكُونُ فِي النَّاسِ مِثْلُهُ، فَهَذَا يَكُونُ لِدَاءٍ فِي الْبَدَنِ، وَهُوَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ.
قَالَ وَالْبَجَرُ عَيْبٌ، وَهُوَ انْتِفَاخٌ تَحْتَ السُّرَّةِ وَبِهِ سُمِّيَ بَعْضُ النَّاسِ أَبْجَرُ، وَهُوَ يَكُونُ لِدَاءٍ فِي الْبَدَنِ وَيَعُدُّهُ التُّجَّارُ عَيْبًا وَالْأُدْرَةُ عَيْبٌ، وَهِيَ عِظَمُ الْخُصْيَتَيْنِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِدَاءٍ فِي الْبَدَنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْآذَنُ عَيْبٌ، وَهُوَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ مَنْخِرِهِ الْمَاءُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute