وَتَرَى الذَّنِينَ عَلَى مِنْخَارِهِمْ ... يَوْمَ الْهِيَاجِ كَمَارِنِ النَّمْلِ
وَذَلِكَ يُسْتَقْذَرُ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِدَاءٍ فِي الدِّمَاغِ.
وَالْيَسِرُ عَيْبٌ، وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَسَارِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْسَرَ يَسِرَ، وَهُوَ الْأَضْبَطُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالْيَدَيْنِ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ زِيَادَةً، وَلَيْسَ بِعَيْبٍ.
قَالَ وَالْعَشَى عَيْبٌ، وَهُوَ ضَعْفُ الْبَصَرِ حَتَّى لَا يُبْصِرَ مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمَةِ أَوْ شِدَّةِ الضَّوْءِ وَمِنْهُ يُسَمَّى الْأَعْشَى وَالْعَسَمُ عَيْبٌ، وَهُوَ يُبُوسَةٌ وَتَشَنُّجٌ فِي الْأَعْصَابِ مِنْهُ أَصْلُ الْعَرَجِ.
وَالسِّنُّ السَّوْدَاءُ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَهُوَ يَشِينُ صَاحِبَهُ وَالسَّوَادُ فِي السِّنِّ دَلِيلُ مَوْتِ السِّنِّ عِنْد مَنْ يَقُولُ فِي السِّنِّ حَيَاةٌ، وَكَذَلِكَ السِّنُّ السَّاقِطَةُ عَيْبٌ ضِرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَعُدُّهُ التُّجَّارُ عَيْبًا ثُمَّ سُقُوطُ السِّنِّ فِيمَا لَا يَبْدُو مِنْهَا كَالطَّوَاحِينِ يُنْقِصُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَفِيمَا يَبْدُو مِنْهَا كَالضَّوَاحِكِ وَفِي الْأَصْلِ كَالنَّوَاجِذِ يُنْقِصُ مِنْ الْجَمَالِ وَلِهَذَا وَجَبَ الْأَرْشُ إذَا قَلَعَ مِنْ الْغَيْرِ وَأَفْسَدَ الْمَنْبَتَ.
قَالَ وَالظُّفْرُ الْأَسْوَدُ عَيْبٌ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ الْجَمَالِ وَالسَّوَادُ فِي الظُّفْرِ دَلِيلُ مَوْتِهِ كَمَا فِي السِّنِّ وَإِنَّمَا يَشْتَرِطُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ فِيمَنْ هُوَ أَسْوَدُ اللَّوْنِ كَالْحَبَشِيِّ وَإِنَّمَا يُنْقِصُ فِيمَنْ هُوَ أَبْيَضُ اللَّوْنِ كَالْأَتْرَاكِ وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِهِ.
وَالْإِبَاقُ مَرَّةً وَاحِدَةً عَيْبٌ مِنْ الصَّغِيرِ مَا دَامَ صَغِيرًا، فَإِذَا بَلَغَ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَأْبَقَ بَعْدَ الْكِبَرِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يُمَيِّزُ، أَمَّا فِي الصَّغِيرِ جِدًّا، فَهَذَا لَا يَكُونُ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ يَضِلُّ وَلَا يَأْبَقُ وَالْإِبَاقُ يَكُونُ عَنْ قَصْدٍ مِنْهُ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَهْتَدِي إلَى بَيْتِ مَوْلَاهُ فَيَضِلُّ كَالدَّابَّةِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مُمَيِّزًا فَالْإِبَاقُ وَالْقَصْدُ إلَى ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ، وَهُوَ عَيْبٌ فِيهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ، فَإِذَا بَلَغَ زَالَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَرَّةً فَهُوَ عَيْبٌ لَازِمٌ أَبَدًا وَالسَّرِقَةُ كَذَلِكَ قَالَ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ جِدًّا لَا يَكُونُ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ أَمْثَالِهِ عَادَةً وَأَمَّا الْجُنُونُ إذَا وُجِدَ مَرَّةً فَهُوَ عَيْبٌ لَازِمٌ أَبَدًا سَوَاءٌ وُجِدَ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْفَرْقُ أَنَّ سَبَبَ الْجُنُونِ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَهُوَ آفَةٌ فِي الْعَقْلِ، فَإِذَا وُجِدَ مَرَّةً فَأَثَرُهُ يَبْقَى فِيهِ مَا عَاشَ، وَذَلِكَ يَظْهَرُ فِي حَمَالِيقِ عَيْنَيْهِ بِمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْبَصَرِ فِيهِ وَأَمَّا سَبَبُ الْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ فَمُخَالِفٌ لِسَبَبِ هَذِهِ الْعُيُوبِ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ فِي الصِّغَرِ سَبَبُهُ سُوءُ الْأَدَبِ وَحُبُّ اللَّعِبِ وَسَبَبُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ التَّمَرُّدُ وَقِلَّةُ الْمُبَالَاةِ بِالْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ السَّرِقَةُ سَبَبُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute