للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتِ الْبَائِعِ وَبَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ وَارِثِ الْمُشْتَرِي وَأَبُو يُوسُفَ يُسَوِّي بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ وَيَقُولُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ وَارِثَ الْبَائِعِ يَقُومُ مَقَامَهُ بَعْدَهُ كَوَارِثِ الْمُشْتَرِي وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا كَانَ لِلْمُوَرِّثِ وَقَدْ كَانَ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي فَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ وَمَا كَانَ مِلْكُهُ لِلْوَارِثِ فَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ هَذَا مِلْكٌ يَحْصُلُ لِوَارِثِ الْبَائِعِ بِاكْتِسَابِهِ، وَهُوَ لَيْسَ يَخْلُفُ عَنْ الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ فَيُجْعَلُ شِرَاؤُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ كَشِرَائِهِ فِي حَيَاةِ الْبَائِعِ قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ عَبْدٍ آخَرَ بِثَمَنِ حِصَّتِهِ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ الشِّرَاءُ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ وَحْدَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُفْسِدَ لِلْعَقْدِ فِي حِصَّةِ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَقَدْ بَيَّنَّا عُذْرَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْخِلَافِيَّاتِ أَنَّ هَذَا فَسَادٌ ضَعِيفٌ خَفِيٌّ؛ وَلِهَذَا خَفِيَ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا يُعَدُّ وَحُكْمُهُ مَحَلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ ظَاهِرًا بِسَبَبِ الرِّبَا أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ بِمُقَابَلَةِ مَا بَاعَ مِثْلَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ احْتِيَالًا لِتَصْحِيحِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَجْهَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلتَّصْحِيحِ فَإِنَّهُ وَإِنْ جُعِلَ بِمُقَابَلَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ يَجُوزُ الْعَقْدُ أَيْضًا وَلَا يُقَالُ قَدْ جُعِلَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي ذَلِكَ شَرْطًا لِقَبُولِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ بِهِ الْعَقْدُ فِي الثَّانِي كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي نَظَائِرِ هَذَا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ أَلَا تَرَى أَنَّ ثَمَنَهُ لَوْ كَانَ مِثْلَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ خِلَافَ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ صَحِيحًا وَإِنَّمَا الْفَسَادُ لِأَجْلِ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ لَا عَلَى ضَمَانِهِ.

وَهَذَا الْمَعْنَى يَقْتَصِرُ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي بَاعَهُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْعَقْدِ فِي الْعَبْدِ الثَّانِي، وَإِنْ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ جَازَ شِرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ فِي نِصْفِهِ كَمَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ فِي الْكُلِّ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَاعْتِبَارُ الْبَعْضِ بِالْكُلِّ اعْتِبَارٌ صَحِيحٌ.

وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا كَمَا لَوْ دَخَلَهَا عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبٍ آخَرَ وَلَا يَجُوزُ إنْ لَمْ يُنْقِصْهَا؛ لِأَنَّ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى هَيْئَتِهِ كَمَا كَانَ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَحْصُلُ لَهُ رِبْحٌ لَا عَلَى ضَمَانِهِ.

قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ شِرَائِهَا فَادَّعَى الْوَلَدَ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ فِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ، وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>