الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نِكَاحًا.
وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِرَجُلٍ وَوَلَدُهُ الصَّغِيرُ مَمْلُوكٌ لِابْنِ الرَّجُلِ، وَهُوَ صَغِيرٌ فِي حِجْرِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُمَا مَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْأَبُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ وَلَدِهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَلَدِ لَوْ كَانَ بَالِغًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوَلَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا جَمِيعًا فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ يَرُدُّهُمَا أَوْ يُمْسِكُهُمَا؛ لِأَنَّ فِي مَعْنَى كَرَاهَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ وَقَاسَ بِمَا لَوْ اشْتَرَى مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا أَوْ يُمْسِكَهُمَا وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُثْبِتَ لِحَقِّ الرَّدِّ لَهُ هُوَ الْعَيْبُ، وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْمَعِيبِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّ الْآخَرِ بَعْدَ تَمَامِ الصَّفْقَةِ ثُمَّ هَذَا تَفْرِيقٌ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ فِي أَحَدِهِمَا فَيَجُوزُ كَالدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ وَالْبَيْعِ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِقْصٌ لَمْ أَكْرَهْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شِقْصَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا مَا أَجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ وَكَرَاهَةُ التَّفْرِيقِ بِنَاءً عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ.
وَلَوْ كَانَا مَمْلُوكِينَ لَهُ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَ مُسِيئًا وَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَسْتَحْسِنُ إبْطَالَ الْبَيْعِ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَلَا أُبْطِلُهُ فِي الْأَخَوَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَاطِلٌ لِمَا رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَدْرِكْ أَدْرِكْ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِدْرَاكِ بِالِاسْتِرْدَادِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا جَمِيعًا قَالَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَرَّقَ لِقُوَّةِ الْوِلَادَةِ وَضَعْفِ الْقَرَابَةِ الْمُتَجَرِّدَةِ عَنْ الْوِلَادَةِ وَحَمَلَ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَدْرِكْ عَلَى طَلَبِ الْإِقَالَةِ أَوْ بَيْعِ الْآخَرِ مِمَّنْ بَاعَ مِنْهُ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ تَأْوِيلُ الْحَدِيثَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْقِيَاسُ لَهُمَا فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْبَيْعِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِالْبَيْعِ، وَهُوَ الْوَحْشَةُ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ وَالنَّهْيُ مَتَى كَانَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ كَالنَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ.
قَالَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَاتِبَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ مَآلُهُ الْعِتْقُ فَهُوَ كَالْإِعْتَاقِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتِقَ أَحَدَهُمَا فَكَذَلِكَ يُكَاتِبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا التَّصَرُّفِ بَلْ يَزْدَادُ الِاسْتِئْنَاسُ وَيُمَكَّنُ الْكَبِيرُ مِنْ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِ الصَّغِيرِ إذَا كُوتِبَ أَوْ أُعْتِقَ وَرُبَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ شِرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute