وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا نَسَمَةً لِلْعِتْقِ وَيُمْسِكَ الْآخَرَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ.
وَهَذَا لِأَنَّ بَيْعَ نَسَمَةٍ لَيْسَ بِبَيْعٍ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَإِنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ لَا يَجُوزُ وَلَكِنَّهُ مِيعَادٌ بَيْنَهُمَا فَرُبَّمَا يَفِي بِهِ الْمُشْتَرِي وَرُبَّمَا لَا يَفِي فَيَبْقَى التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا مُتَحَقِّقًا فِي الْحَالِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ يَشْتَرِي النَّسَمَةَ لِلْعِتْقِ الْوَفَاءُ بِمَا يَعِدُ وَإِنَّمَا يَنْبَنِي الْحُكْمُ عَلَى الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ فَبَيْعُ أَحَدِهِمَا نَسَمَةً كَبَيْعِهِ مِنْ قَرِيبِهِ لِيَعْتِقَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ.
قَالَ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ أُخْتَانِ فَدَبَّرَ إحْدَاهُمَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَالْأُخْرَى صَغِيرَةٌ لَمْ أَكْرَهْ لَهُ بَيْعُ الصَّغِيرَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَ إحْدَاهُمَا؛ لِأَنَّ كَرَاهَةَ التَّفْرِيقِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ بَيْعِهَا فَإِنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ التَّفْرِيقُ مُحَالًا عَلَى اخْتِيَارِهِ وَهُنَا هُوَ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ بَيْعِ إحْدَاهُمَا فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْأُخْرَى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ فِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مُطْلَقٌ فَيَتَحَقَّقُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مِلْكِهِ فَيُكْرَهُ التَّفْرِيقُ وَفِي الْكِتَابَةِ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِي الْمُكَاتَبِ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا.
قَالَ وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْمَمْلُوكَيْنِ لَهُ وَالْآخَرُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ بَيْعِهِمَا مِنْ وَاحِدٍ إذْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ وَمِلْكُ زَوْجَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا لِعَبْدٍ لَهُ تَاجِرٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِهَا فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ لَا يَنْفُذُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا لِمُضَارِبِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ الْمُضَارِبُ مَا عِنْدَهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُمَا وَلَا هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا.
قَالَ وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ أَمَةٌ فَبَاعَهَا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اشْتَرَى ابْنَهَا كَرِهْتُ لَهُ أَنْ يُوجِبَ الْبَيْعَ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ فَقَدْ اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ ثُمَّ يَبِيعَهُمَا مَعًا، فَإِذَا أَوْجَبَ الْبَيْعَ فِي الْأَمَةِ كَانَ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا بِاخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ إنْ سَكَتَ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْفَسْخِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ كَاخْتِيَارِهِ إمْضَاءَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَوْجِبَهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مَعَ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute