نِصْفُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَ الْعَبْدُ مِنْ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ فِي قَطْعِ يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ وَهُوَ مَا إذَا قَطَعَ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ هُنَاكَ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُفَوِّتٍ لِجِنْسِ الْمَنْفَعَةِ فَلِهَذَا يُجْعَلُ التَّالِفُ بِفِعْلِهِ نِصْفَ مَا بَقِيَ وَهُنَا فِعْلُهُ اسْتِهْلَاكٌ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إنْ قَطَعَ الْيَدَ الْأُخْرَى فَقَدْ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ الْبَطْشِ، وَتَفْوِيتُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ يَكُونُ اسْتِهْلَاكًا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَلِهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ وَلَا يَجُوزُ إعْتَاقُ مَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنْ قَطَعَ الرِّجْلَ الَّتِي مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فَقَدْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْشِيَ بِعَصًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ الرِّجْلَ مِنْ خِلَافٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ هَذَا اسْتِهْلَاكٌ وَأَنَّ النُّقْصَانَ فِيهِ أَكْثَرُ فَلِهَذَا اعْتَبَرْنَا النُّقْصَانَ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجِنَايَةُ نَقَصَتْهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ مَا بَقِيَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَرَاجَعَتْ قِيمَتُهُ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي إلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقَدْ تَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الثَّمَنِ ثُمَّ الْبَاقِي وَهُوَ خُمُسُ النِّصْفِ تَلِفَ بِجِنَايَتِهِمَا فَيَكُونُ نِصْفُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ حَاصِلُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ أَرْبَعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَنِ وَنِصْفَ عُشْرِ الثَّمَنِ وَسَقَطَ عَنْهُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ وَسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ خَمْسَةُ أَعْشَارٍ وَنِصْفُ عُشْرٍ.
قَالَ: فَإِنْ بَدَأَ الْمُشْتَرِي فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ قَطَعَ الْبَائِعُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يُحْدِثْ الْبَائِعُ فِيهِ مَنْعًا فَعَلَى الْمُشْتَرِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِقَطْعِ الْيَدِ صَارَ قَابِضًا لِجَمِيعِ الْعَبْدِ ثُمَّ إنَّمَا يَنْتَقِضُ حُكْمُ قَبْضِهِ فِيمَا تَلِفَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ خَاصَّةً وَالتَّالِفُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَهُوَ رُبُعُ الْعَبْدِ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي رُبُعُ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ نِصْفُ الثَّمَنِ حِصَّةُ مَا تَلِفَ بِجِنَايَتِهِ وَرُبُعُ الثَّمَنِ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي بَقِيَ فِيهِ وَقَدْ تَلِفَ لَا بِسِرَايَةِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَيَتَقَرَّرُ ثَمَنُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَبَرِئَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ قَبْضِهِ انْتَقَضَ فِيمَا تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ وَذَلِكَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَكَانَ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ، نِصْفُ الثَّمَنِ حِصَّةُ مَا تَلِفَ بِقَطْعِهِ الْيَدَ، وَرُبُعُ الثَّمَنِ حِصَّةُ الْبَاقِي مِنْ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَأَعْطَى نِصْفَ الثَّمَنِ حِصَّةَ مَا تَلِفَ بِقَطْعِهِ الْيَدَ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهُ فَمَنَعَهُ الْبَائِعُ حَتَّى يُعْطِيَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِمَا فَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا نِصْفُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ قَبْضِهِ انْتَقَضَ فِيمَا بَقِيَ حِينَ مَنَعَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّمَا تَلِفَ مَا بَقِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ إلَّا حِصَّةُ الْيَدِ وَذَلِكَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute