قَتَلَ الْوَلَدَ فَقَدْ صَارَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ إيَّاهُ وَلَوْ صَارَ مَقْصُودًا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَكَذَلِكَ إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ وَقَدْ قَرَّرْنَا هَذَا فِي طَرَفِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ إذَا فَاتَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِذَا أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ قَتَلَهُ الْبَائِعُ فَمَا أَصَابَ الْوَلَدُ بَطَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ الْأُمَّ بِمَا بَقِيَ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَهُ الْخِيَارُ وَهَذِهِ هِيَ الْخِلَافِيَّةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الثِّمَارِ وَتَنْصِيصُهُ عَلَى الْخِلَافِ هُنَا يَكُونُ تَنْصِيصًا ثَمَّةَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِحْدَى عَيْنَيْهَا بَيْضَاءُ وَقِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ مِنْ عَيْنَيْهَا فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ ضَرَبَ الْعَيْنَ الَّتِي كَانَتْ فِي الْأَصْلِ صَحِيحَةً فَابْيَضَّتْ وَرَجَعَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَيَاضُ الْعَيْنِ يُنْقِصُهَا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْقِيمَةِ الْأُولَى لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْأُولَى بَيْضَاءَ عَلَى حَالِهَا فَإِنِّي لَسْتُ أَلْتَفِتُ إلَى الزِّيَادَةِ لِكَيْ أَنْظُرَ كَمْ كَانَ يُنْقِصُهَا الْبَيَاضُ لَوْ كَانَ بَيَاضُ الْعَيْنِ الْأُولَى عَلَى حَالِهِ، فَإِذَا كَانَ يُنْقِصُهَا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْقِيمَةِ الْأُولَى وَذَلِكَ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِسِتَّةِ أَعْشَارِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا أَمَّا ثُبُوتُ الْخِيَارِ فَلِأَنَّهَا تَغَيَّرَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِفِعْلِهِ ثُمَّ ذَهَابُ الْبَيَاضِ عَنْ الْعَيْنِ الْأُولَى زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فِي عُقُودِ الْمُعَارَضَاتِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِانْقِسَامِ قِيمَتُهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَوُجُودُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ كَعَدَمِهَا، وَلَوْ لَمْ يَذْهَبْ الْبَيَاضُ عَنْ عَيْنِهَا حَتَّى ضَرَبَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ فَابْيَضَّتْ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ النُّقْصَانُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا عَمِيَتْ بِفِعْلِهِ وَذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ حُكْمًا فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ النُّقْصَانُ فَلِهَذَا قَالَ يُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَهَا الْقِيمَةَ الْأُولَى ثُمَّ الثَّمَنُ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَتِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ وَلَدِهَا وَقْتَ الْقَبْضِ وَهُمَا سَوَاءٌ فَانْقَسَمَ نِصْفَانِ نِصْفُ الثَّمَنِ حِصَّةُ الْوَلَدِ وَنِصْفُهُ حِصَّةُ الْأُمِّ، فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْقِيمَةِ الْأُولَى سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ النِّصْفِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ صَارَ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ نِصْفُهُ وَهُوَ خَمْسَةٌ حِصَّةُ الْوَلَدِ وَسَهْمٌ وَاحِدٌ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأُمِّ.
فَإِذَا قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِالْأُمِّ عَيْبًا رَدَّهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ سُدُسُ مَا أَخَذَهُمَا بِهِ، وَلَوْ وَجَدَ الْعَيْبَ بِالْوَلَدِ رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ مَا أَخَذَهُمَا بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ ضَرَبَ الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ وَلَكِنَّهُ ضَرَبَ الْعَيْنَ الَّتِي كَانَ بِهَا الْبَيَاضُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ الْبَيَاضُ فَعَادَ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute