للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا وَلِأَنَّ ذَهَابَ الْبَيَاضِ كَانَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً فَقَدْ انْفَصَلَتْ بِفِعْلِ الْبَائِعِ فَهِيَ كَزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ أَتْلَفَهَا الْبَائِعُ بِأَنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَقَتَلَهُ الْبَائِعُ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ وَقْتَ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ مِنْ حِينِ يَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودًا وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا وَحِصَّةُ مَا أَتْلَفَ الْبَائِعُ ثُلُثَ الثَّمَنِ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا بَقِيَ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا خِيَارَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْبَهَائِمِ إذَا أَتْلَفَهَا الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَا تُمَكِّنُ نُقْصَانًا فِي الْأَصْلِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِثْلُ تِلْكَ، فَإِنْ أَخَذَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ بِنِصْفِ مَا أَخَذَهُمَا بِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ الثَّمَنِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ جِنَايَةُ الْبَائِعِ عَلَى الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَاكَ لَمْ تُزَايِلْ الْبَدَنَ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهَا وَهُنَا الزِّيَادَةُ زَايَلَتْ الْبَدَنَ بِصُنْعِ الْبَائِعِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا.

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفٌ وَإِحْدَى عَيْنَيْهَا بَيْضَاءُ فَذَهَبَ الْبَيَاضُ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ عَبْدًا لِأَجْنَبِيٍّ ضَرَبَ تِلْكَ الْعَيْنَ فَعَادَ بَيَاضُهَا وَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَهُمَا الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ثُمَّ إنَّهُ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِثُلُثِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ بِالْعَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَهَا وَذَهَابُ الْبَيَاضِ عَنْ تِلْكَ الْعَيْنِ كَانَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً وَقَدْ انْفَصَلَتْ فَيُجْعَلُ كَوَلَدٍ وَلَدَتْهُ الْجَارِيَةُ وَإِنَّمَا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَقْتَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ فِي الِانْقِسَامِ وَقْتَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ الدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حُكْمِ الْعَقْدِ فِي شَيْءٍ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْقَبْضِ خَمْسُمِائَةٍ فَانْقَسَمَ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا ثُلُثُهُ بِإِزَاءِ الْعَبْدِ يَرُدُّهُ بِذَلِكَ إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَثُلُثَاهُ بِإِزَاءِ الْجَارِيَةِ إنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بِهَا يَرُدَّهَا بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْ الْعَبْدَ حَتَّى زَادَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَقْتَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَةِ الْأَمَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَانْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ.

قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا فَفَقَأَ الْبَائِعُ عَيْنَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ الْفَقْءِ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا أَخَذَهُمَا الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا فَقَأَ عَيْنَهَا فَقَدْ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي نِصْفُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نَصَفُهُ ثُمَّ لَمَّا وَلَدَتْ انْقَسَمَ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ الْفَقْءُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَخَذَهُمَا إنْ شَاءَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا حِينَ وَلَدَتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَقَدْ انْقَسَمَ جَمِيعُ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>