بِشَرْطِ بَقَاءِ الْوَلَدِ عَلَى هَذِهِ الْقِيمَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَقَدْ بَقِيَ فَظَهَرَ أَنَّ نِصْفَ الثَّمَنِ كَانَ بِمُقَابَلَةِ الْوَلَدِ وَنِصْفُهُ حِصَّةُ الْأُمِّ فَلَمَّا فَقَأَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ فَإِنَّمَا يَسْقُطُ نِصْفُ حِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ رُبْعُ الثَّمَنِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْفَقْءُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَقَدْ كَانَ جَمِيعُ الثَّمَنِ فِيهَا حِينَ فَقَأَ الْبَائِعُ عَيْنَيْهَا فَلِهَذَا يَسْقُطُ نِصْفُ الثَّمَنِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ الرَّهْنَ فِي هَذَا الْبَيْعِ يَعْنِي فِي الرَّهْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوِلَادَةِ قَبْلَ ذَهَابِ الْعَيْنِ وَبَيْنَ الْوِلَادَةِ بَعْدَ ذَهَابِ الْعَيْنِ وَيَكُونُ السَّاقِطُ رُبْعَ الدَّيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا وَبِالْوِلَادَةِ بَعْدَ ذَهَابِ الْعَيْنِ هُنَاكَ يَعُودُ بَعْضُ مَا كَانَ سَاقِطًا وَفِي الْبَيْعِ لَا يَعُودُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سُقُوطَ الثَّمَنِ بِفَقْءِ الْبَائِعِ الْعَيْنَ إنَّمَا كَانَ بِطَرِيقِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِيمَا أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ وَالْبَيْعُ بَعْدَمَا انْفَسَخَ لَا يَعُودُ بِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَسُقُوطُ الدَّيْنِ بِطَرِيقِ الْمُرْتَهِنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَالِاسْتِيفَاءُ بِقَرَارِ الدَّيْنِ وَلَا يُسْقِطُهُ، فَإِذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ فَقَدْ حَدَثَتْ فِي حَالِ قِيَامِ الدَّيْنِ كُلِّهِ لِكَوْنِهِ مُنْتَهِيَا بِالِاسْتِيفَاءِ فَلِهَذَا يَعُودُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْضُ مَا كَانَ سَاقِطًا وَتُجْعَلُ الزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ ذَهَابِ الْعَيْنِ كَالزِّيَادَةِ قَبْلَ ذَهَابِ الْعَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَاةً فَمَاتَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ دَبَغَ الْبَائِعُ جِلْدَهَا لَا يَعُودُ الْعَقْدُ فِي حِصَّةِ الْجِلْدِ، وَلَوْ أَنَّ الشَّاةَ الْمَرْهُونَةَ مَاتَتْ وَحُكِمَ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ ثُمَّ دَبَغَ الْمُرْتَهِنُ جِلْدَهَا عَادَ مِنْ الدَّيْنِ مَا يَخُصُّ الْجِلْدَ وَكَانَ الْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَا وَتَحْقِيقُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الْفَسْخَ ضِدُّ مَا هُوَ مَقْصُودٌ بِالْعَقْدِ فَإِنَّمَا يَسْقُطُ بَعْضُ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِمَا هُوَ ضِدُّ الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ فَلَا يُجْعَلُ الْعَقْدُ فِيهِ كَالْقَائِمِ حُكْمًا وَأَمَّا سُقُوطُ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَرْهُونِ فَيُحَقِّقُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ الرَّهْنِ الِاسْتِيفَاءُ أَوْ إنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فَلِهَذَا يُجْعَلُ كَأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْكُلِّ قَائِمٌ حُكْمًا حِينَ حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ فَيَسْقُطُ نِصْفُ مَا يَخُصُّ الْأُمَّ وَذَلِكَ رُبْعُ الدَّيْنِ ثُمَّ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ يَفْتَرِقَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا ذَهَبَتْ الْعَيْنُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الرَّهْنِ بِذَهَابِ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ يَثْبُتُ بِالْقَبْضِ وَالْأَوْصَافُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِالْقَبْضِ وَإِذَا فَاتَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ وَذَلِكَ كَأَوْصَافِ الْمَغْصُوبَةِ وَفِي الْبَيْعِ الضَّمَانُ بِالْعَقْدِ، فَإِذَا فَاتَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ قُلْنَا: لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِفَوَاتِهَا.
قَالَ: وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تُسَاوِي أَلْفًا وَهِيَ بَيْضَاءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ فَفَقَأَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ الْبَاقِيَةَ فَصَارَتْ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ اسْتِهْلَاكٌ لَهَا حُكْمًا وَيُعْتَبَرُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ فِيمَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِهِ، فَإِذَا لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى ذَهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute