الْأُولَى يَجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْفَصْلِ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ فِي الْكِتَابِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَيَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِقَدْرِ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَأْخُذُ بِأَيِّ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ شَاءَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنَّمَا أَخَذَ بِمَا رَآهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ سَمِعَهُ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ بِالرَّأْيِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْآخِرُ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (قَالَ): وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي سَائِرِ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ إلَّا فِي تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ وَحَكَى أَبُو عِصْمَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ».
(وَلَنَا) مَا رَوَيْنَا لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ وَفِيهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَلِأَنَّ هَذَا تَكْبِيرٌ يُؤْتَى بِهِ فِي قِيَامٍ مُسْتَوٍ فَتُرْفَعُ الْيَدُ فِيهِ كَتَكْبِيرَةِ الْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعْلَامُ مَنْ لَا يَسْمَعُ بِخِلَافِ تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ يُؤْتَى بِهِمَا فِي حَالَةِ الِانْتِقَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى رَفْعِ الْيَدِ لِلْإِعْلَامِ
(قَالَ): وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُصَلِّي وَحْدَهُ كَمَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَالصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مَا عُرِفَتْ قُرْبَةً إلَّا بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا فَعَلَهَا إلَّا بِالْجَمَاعَةِ وَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِذَا فَاتَتْ فَلَيْسَ لَهَا خَلْفٌ لِأَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهَذَا لَيْسَ بِوَقْتٍ لِصَلَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ لِأَنَّ وَقْتَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ وَقْتٌ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ وَلَكِنَّهُ إنْ أَحَبَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا كَصَلَاةِ الضُّحَى فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ لِحَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْتَتِحُ الضُّحَى بِرَكْعَتَيْنِ» وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَاظِبُ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي صَلَاةِ الضُّحَى» وَاَلَّذِي يَخْتَصُّ بِهَذَا الْيَوْمَ حَدِيثُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْعِيدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِكُلِّ نَبْتٍ نَبَتَ وَبِكُلِّ وَرَقَةٍ حَسَنَةً»
(قَالَ) وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْجَبَّانَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنْ اسْتَخْلَفَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا رَوَيْنَا أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute