للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّا كَذَلِكَ نَزِنُ.» فَإِذَا جَازَ الرُّجْحَانُ لَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَكَذَلِكَ صِفَةُ الْجَوْدَةِ قَالُوا: وَإِنَّمَا يَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ؛ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ أَمَّا إذَا كَانَ يُعْرَفُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْقَرْضِ فَالتَّحَرُّزُ عَنْهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ وَاَلَّذِي يُحْكَى أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَأَتَاهُ لِيُطَالِبَهُ فَلَمْ يَقِفْ فِي ظِلِّ جِدَارِهِ وَوَقَفَ فِي الشَّمْسِ لَا أَصْلَ لَهُ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ أَفْقَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ فِي ظِلِّ جِدَارِ الْغَيْرِ لَا يَكُونُ انْتِفَاعًا بِمِلْكِهِ كَيْفَ؟ وَلَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا، وَلَا مَطْلُوبًا، وَذُكِرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَقْرِضْنِي فَيَقُولُ: لَا حَتَّى أَبِيعَكَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا إثْبَاتَ كَرَاهَةِ الْعِينَةِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِيَبِيعَهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِعَشَرَةٍ فَيَحْصُلَ لِلْمُقْرِضِ زِيَادَةٌ وَهَذَا فِي مَعْنَى قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً. .

وَالْإِقْرَاضُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي الشَّرْعِ وَالْغَرَرُ حَرَامٌ إلَّا أَنَّ الْبُخَلَاءَ مِنْ النَّاسِ تَطَرَّقُوا بِهَذَا إلَى الِامْتِنَاعِ مِمَّا يَدْنُوا إلَيْهِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى مَا نُهُوا عَنْهُ مِنْ الْغُرُورِ وَبِنَحْوِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعَيْنِ وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ذَلَلْتُمْ حَتَّى يُطْمَعَ فِيكُمْ.».

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ دَرَاهِمَ فَيُعْطِيهِ دَنَانِيرَ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا فِي السُّوقِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا يَظْهَرُ الرِّبَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى مَكَّةَ وَقَالَ: انْهَهُمْ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» وَبِهِ نَأْخُذُ، وَصِفَةُ الشَّرْطَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَقُولَ بِالنَّقْدِ بِكَذَا وَبِالنَّسِيئَةِ بِكَذَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْبَيْعُ مَعَ السَّلَفِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا لِيُقْرِضَهُ أَوْ يُؤَجِّلَهُ فِي الثَّمَنِ لِيُعْطِيَهُ عَلَى ذَلِكَ رِبْحًا وَبَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ عَامٌّ دَخَلَهُ الْخُصُوصُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ وَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ: النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ مَعَ بَقَاءِ الْغُرُورِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِلتَّصَرُّفِ وَذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ دُونَ الْعَقَارِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْبَيْعِ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ هُوَ فِي مَعْنَى هَذَا فَإِنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ الرِّبْحِ لَا يَطِيبُ لَهُ وَزَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ يَعْنِي مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ «حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي رُبَّمَا أَدْخُلُ السُّوقَ فَأَسْتَجِيدُ السِّلْعَةَ ثُمَّ أَذْهَبُ فَأَبِيعُهَا ثُمَّ أَبْتَاعُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.» وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَقْرَضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلًا دَرَاهِمَ فَقَضَاهُ الرَّجُلُ مِنْ جَيِّدِ عَطَائِهِ فَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: لَا إلَّا مَنْ عَرَضُهُ مِثْلُ دَرَاهِمِي وَعَنْ عَامِرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>