نُقْرَةَ فِضَّةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا، فَإِذَا فِيهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ، كَانَ لِلْمُشْتَرِي نِصْفُهَا، لَا خِيَارَ لَهُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ النُّقْرَة لَا يَضُرُّهَا التَّبْعِيضُ، فَالْوَزْنُ فِيهَا يَكُونُ قَدْرًا لَا صِفَةً، فَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُسَمَّى مِنْ وَزْنِهَا بِخِلَافِ الْإِبْرِيقِ، فَإِنَّهُ يَضُرُّ التَّبْعِيضَ فَالْوَزْنُ يَكُونُ صِفَةً فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنْ بِاخْتِلَافِ الْوَزْنِ تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ فَيَكُونُ أَثْقَلَ تَارَةً، وَأَخَفَّ تَارَةً، وَلَا يَتَبَدَّلُ اسْمُ الْعَيْنِ، وَهُوَ الْإِبْرِيقُ، فَكَانَ ذَلِكَ كَالذَّرْعِ فِي الثَّوْبِ، يَكُونُ صِفَةً، وَالْبَيْعُ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ دُونَ الذُّرْعَانِ الْمَذْكُورَةِ،، وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: خَرَجْتُ بِخَلْخَالِ فِضَّةٍ لِامْرَأَتِي أَبِيعُهُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي فَوَضَعْتَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَوَضَعَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دَرَاهِمَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَكَانَ الْخَلْخَالُ أَثْقَلَ مِنْهَا قَلِيلًا، فَدَعَا بِمِقْرَاضٍ لِيَقْطَعَهُ، فَقُلْت: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ هُوَ لَكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا رَافِعٍ، إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالزَّائِدُ، وَالْمُسْتَزِيدُ فِي النَّارِ»، وَفِيهِ دَلِيلُ تَحْرِيمِ الْفَضْلِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَثِيرَ فِيمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ، أَوْ لَا يَضُرُّهُ سَوَاءٌ،، وَفِيهِ دَلِيلُ أَنَّ مُبَادَلَةَ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ الْكِفَّةُ بِالْكِفَّةِ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارُهُمَا؛ لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْوَزْنِ، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَزَادَتْ عَلَيْهَا دَانَقًا فَوَهَبَهُ لَهُ هِبَةً، وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ، فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْمُقَابَلَةِ؛ إذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْبَيْعِ، وَهَذَا مُسْتَحَقٌّ بِعَقْدِ التَّبَرُّعِ، وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوطٍ فِي الْبَيْعِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا لَمْ يَقْبَلْهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؟ قُلْنَا: كَأَنَّهُ احْتَاطَ فِي ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ أَنْ أَبَا رَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ وَكِيلًا فِي بَيْعِ الْخَلْخَالِ، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ الْهِبَةَ.
وَإِنْ كَانَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَهُوَ النِّصْفُ بِدِينَارٍ مِنْ شَرِيكِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَتَقَابَضَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَى خَالِصِ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ مِنْ شَرِيكِهِ، وَنَقَدَهُ الدِّينَارَ، وَالسَّيْفُ فِي الْبَيْتِ ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ السَّيْفَ اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي حِصَّةِ الْحِلْيَةِ صَرْفٌ وَقَدْ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْبَائِعِ مَا كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ بِالشِّرَاءِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ.
وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْفِضَّةِ جُزَافًا بِالذَّهَبِ، أَوْ بِالْفُلُوسِ، أَوْ بِالْعُرُوضِ؛ لِانْعِدَامِ الرِّبَا بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ.
وَإِذَا اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى فِضَّتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَ السَّيْفَ وَنَقَدَهُ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ افْتَرَقَا، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُودَ ثَمَنُ الْفِضَّةِ خَاصَّةً، فَإِنَّ قَبْضَ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ فِي الْمَجْلِسِ مُسْتَحَقٌّ، وَقَبْضُ حِصَّةِ الْجَفْنِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ، وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَقَعُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَغَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، بَلْ يَجْعَلُ النُّقُودَ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ خَاصَّةً، فَالِافْتِرَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute