وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ يُنْكِرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، ثُمَّ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ يَدَّعِي أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا خَمْسَةً، وَالدَّافِعُ يُنْكِرُ الْأَمْرَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَادَ دِرْهَمَيْنِ فَوْقَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَكَانَ مُخَالِفًا لِأَمْرِهِ، ضَامِنًا لِلدَّافِعِ مِثْلَ فِضَّتِهِ، فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ وَزَادَ؛ فَإِذَا رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ اسْتَوْجَبَ الْعَامِلُ كَمَالَ أَجْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْقَلْبُ مَحْشُوًّا لَا يُعْلَمُ، وَزْنَهُ، وَلَا يُعْرَفُ، وَاتَّفَقَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ عَشَرَةً، وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ خَمْسَةً، فَقَالَ الدَّافِعُ: لَمْ تَزِدْ فِيهِ شَيْئًا، وَقَالَ الْعَامِلُ: قَدْ زِدْتُ فِيهِ خَمْسَةً؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الْقَرْضَ، فَإِنْ شَاءَ الْعَامِلُ سَلَّمَ الْقَلْبَ لَهُ، وَأَعْطَاهُ الْآمِرُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ فِضَّةً مِثْلَ فِضَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ فِيهِ فَلَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَ الْقَلْبَ مِنْ يَدِهِ؛ إذَا كَانَ مَا زَادَ فِيهِ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ بِزَعْمِهِ لَا تَصِلُ إلَيْهِ؛ فَإِذَا احْتَبَسَ عِنْدَهُ ضَمِنَ لِلدَّافِعِ فِضَّةً مِثْلَ فِضَّتهِ، بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْآخَرُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لَزِمَهُ؛ فَإِذَا أَنْكَرَ فَيَسْتَحْلِفُ عَلَيْهِ
وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ زَادَ فِيهِ خَمْسَةً، فَقَالَ الْآمِرُ: كَانَتْ فِضَّتِي بَيْضَاءَ، وَأَمَرْتُكَ أَنْ تَزِيدَ فِيهَا فِضَّةً بَيْضَاءَ، وَقَالَ الْعَامِلُ: كَانَتْ سَوْدَاءَ، وَأَمَرْتنِي أَنْ أَزِيدَ فِيهَا فِضَّةً سَوْدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي صِفَةِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَكَذَلِكَ فِي صِفَتِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجْرِ: فِي الْمِقْدَارِ، بِأَنْ قَالَ الدَّافِعُ: عَمِلْتَهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ؛ لِإِنْكَارِهِ وُجُوبَ الْأَجْرِ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ، وَتَقَابَضَا، ثُمَّ وَجَدَهَا زُيُوفًا بَعْدَ مَا تَفَرَّقَا، فَاسْتَبْدَلَهَا مِنْهُ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ، لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ اسْتَبْدَلَهَا بِالْجِيَادِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ، فَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْعَقْدِ عَلَى الْجِيَادِ دُونَ الزُّيُوفِ الْمَرْدُودَةِ، وَاسْتِحْقَاقُ مَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمُ الْعَقْدِ، لَا يُؤْثِرُ فِي الْعَقْدِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبِ الزِّيَافَةِ، وَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ، وَالْمَرْدُودِ قَلِيلٌ.
رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ كُرَّ حِنْطَةٍ، وَقَالَ: اطْحَنْهَا لِي بِدِرْهَمٍ، فَطَحَنَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا؛ كَانَ هَذَا بَاطِلًا، وَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا، وَإِنَّمَا طَحَنَ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ حِنْطَةَ نَفْسِهِ، فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنْ إنْ أَعْطَاهُ الدَّقِيقَ فَعَلَيْهِ دَقِيقٌ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقْرَضَهُ الدَّقِيقَ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ كُرَّ حِنْطَةٍ، وَقَالَ: أَقْرِضْنِي نِصْفَ كُرٍّ، وَاخْلِطْهُ بِهِ ثُمَّ اطْحَنْهَا لِي بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، كَانَ هَذَا جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لِمَا اسْتَقْرَضَهُ بِالِاخْتِلَاطِ يَمْلِكُهُ بِأَمْرِهِ، فَيَكُونُ الطَّحَّانُ عَامِلًا فِي حِنْطَتِهِ، فَيَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ لِجَامًا، وَذَهَبَا فَقَالَ: مَوِّهْهُ بِهِ، وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute