- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنْ الشَّفِيعِ، وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ»، وَالْخَلِيطُ هُوَ الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَالشَّفِيعُ هُوَ الشَّرِيكُ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ كَالشُّرْبِ، وَالطَّرِيقِ وَقِيلَ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ مِنْ الْخَلِيطِ، وَالْخَلِيطَ أَحَقُّ مِنْ الشَّفِيعِ فَالشَّرِيكُ يَكُونُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَالْخَلِيطُ يَكُونُ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ سُمِّيَ خَلِيطًا لِاخْتِلَاطٍ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَتَأَتَّى بِهِ الِانْتِفَاعُ مَعَ تَمَيُّزِ الْمِلْكِ، وَالشَّفِيعُ هُوَ الْجَارُ وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ عَلَى مَرَاتِبَ، وَأَنَّ الْبَعْضَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَعْضِ بِقُوَّةِ سَبَبِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَذْهَبِنَا فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَلَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ، إلَّا لَلشَّرِيكِ، فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّرْتِيبُ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» يَنْتَظِرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ إمَامٌ مُطْلَقٌ فِي الْحَدِيثِ وَجَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -، فَلَا طَعْنَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا وَجْهَ بِحَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الشَّرِيكِ، فَإِنَّهُ إذَا حُمِلَ عَلَى الشَّرِيكِ كَانَ هَذَا لَغْوًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُفِيدًا إذَا كَانَ الْمُرَادُ جَارًا هُوَ شَرِيكٌ فِي الطَّرِيقِ قَالَ: كَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَقُولُ: الْعَجَبُ مِنْهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ يَتْرُكُونَ الْعَمَلَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ شُهْرَتِهِ، فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ لِهَذَا اللَّقَبِ مَعْنًى سِوَى أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ الْعَمَلَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَلِأَجْلِهِ سُمُّوا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ لَا لِعِلْمِهِمْ بِالْحَدِيثِ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَنْ بِيعَتْ شُفْعَتُهُ، وَهُوَ حَاضِرٌ فَلَمْ يَطْلُبْ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَبِهِ نَأْخُذُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الطَّلَبِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَبِ دَلِيلُ الرِّضَا مِنْهُ بِمُجَاوَرَةِ الْجَارِ الْحَادِثِ فَيَلْتَحِقُ بِالْجَارِ الْقَدِيمِ بِاعْتِبَارِ رِضَاهُ، وَذَلِكَ يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ ضَرُورَةً وَعَلَيْهِ دَلَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» أَيْ لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهَا وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» فَكَنَّى بِهَذَا عَنْ سُرْعَةِ سُقُوطِهَا. وَعَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: الشَّرِيكُ أَحَقُّ مِنْ الْخَلِيطِ، وَالْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنْ الْجَارِ، وَالْجَارُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا إنَّ الشَّرِيكَ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَالْخَلِيطَ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ.
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مَا كَانَ.»، وَالشَّرِيدُ هَذَا مِمَّنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute