للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي مِلْكِهِ فَمَا لَمْ يَعُدْ مِلْكُهُ لَا يَتَبَيَّنُ مَحَلُّ حَقِّهِ، وَإِنَّمَا يَعُودُ مِلْكُهُ إذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ الثَّانِي وَفَسْخُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ، إلَّا بِحَضْرَتِهِ وَتَمَامُ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَأْذُونِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ تَصَرُّفًا آخَرَ بِأَنْ رَهَنَهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يُبْطِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ الْأُولَى، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى الشَّفِيعِ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ كَمَا لَا يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَنْقُدَهُ ثَمَنَهَا، ثُمَّ قَدْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَالْهِبَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مِنْ الصَّدَاقِ قَدْ اُسْتُحِقَّ

فَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَقَاسَمَ شَرِيكَهُ بِحُكْمٍ، أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ، ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَصَابَ الْمُشْتَرِي بِالْقِسْمَةِ، أَوْ يَتْرُكُهُ، وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَبْضِ الْحِيَازَةُ وَتَمَامُ الْحِيَازَةِ تَكُونُ بِالْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ قَبْلَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ قِسْمَتَهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ نَقَضَ الْقِسْمَةَ احْتَاجَ إلَى إعَادَتِهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُطَالَبٌ بِالْقِسْمَةِ، وَلَا يَشْتَغِلُ بِنَقْضِ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهِ فِي الْحَالِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: هَذَا إذَا قُسِّمَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا بِالتَّرَاضِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ تِلْكَ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، فَهِيَ كَتَصَرُّفٍ آخَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَهُ، وَقَدْ يُفِيدُهُ هَذَا النَّقْضُ فَرُبَّمَا يَقَعُ نَصِيبُهُ فِي الْقِسْمَةِ الثَّانِيَة فِيمَا يُجَاوِزُ مِلْكَهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي قَسَّمَ فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ، وَلَكِنَّهُ تَعَيَّنَ الْمَبِيعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَهُوَ مَا سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.

وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ بِثَمَنٍ مُسَمًّى، فَهِيَ لَازِمَةٌ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهَا، إلَّا بِرِضَا الْمُشْتَرِي، أَوْ يَحْدُثُ فِي الدَّارِ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيُؤَكَّدُ، فَيَكُونُ حَالُهُ مَعَ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ حَالِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ وَبَعْدَ الْبَيْعِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا، إلَّا بِالْإِقَالَةِ بِرِضَاءِ الْبَائِعِ، أَوْ بِعَيْبٍ يَجِدُهُ فِي الدَّارِ فَكَذَلِكَ حَالُ الشَّفِيعِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَقَضَى الْقَاضِي بِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ سَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فَأَقَالَهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ وَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ بَرِئَ مِنْهَا الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ حِينَ قَضَى الْقَاضِي بِهَا لِلشَّفِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَمَّا الشَّفِيعُ فَلِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهَا بِذَلِكَ الْبَيْعِ وَإِقَالَةُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ كَانَتْ تَصِحُّ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَكَذَلِكَ إقَالَةُ الشَّفِيعِ مَعَ الْبَائِعِ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَمَّا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ بِالْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>