صَارَ الْمُشْتَرِي فِي مَعْنَى الْوَكِيلِ لَهُ وَإِقَالَةُ الْمُوَكِّلِ مَعَ الْبَائِعِ صَحِيحَةٌ فَكَذَلِكَ إقَالَةُ الشَّفِيعِ مَعَ الْبَائِعِ
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَقَضَى بِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَدَّهَا الشَّفِيعُ عَلَى الْبَائِعِ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَالشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي بَرِيئَانِ مِنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الشَّفِيعَ كَالْمُوَكِّلِ وَإِقَالَةُ الْمُوَكِّلِ مَعَ الْبَائِعِ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ إقَالَةُ الشَّفِيعِ مَعَ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ أَخْذُهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فَفِيهِ بَعْضُ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ عَقْدِ مُبْتَدَإٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا؛ وَلِهَذَا كَانَتْ عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ إقَالَةُ الشَّفِيعِ مَعَ الْبَائِعِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي حَتَّى قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذِهِ الْإِقَالَةُ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْمُبْتَدَإِ فَيَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذِهِ الْإِقَالَةُ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْمُبْتَدَإِ فَيَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ اسْتَشْهَدَ فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ إقَالَةِ الشَّفِيعِ مَعَ الْبَائِعِ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ عِنْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْإِقَالَةِ يَتَبَعَّضُ حَقُّ الْمُشْتَرِي وَيَصِيرُ كَأَنَّ الشَّفِيعَ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْبَائِعِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَثْبُتُ سَابِقًا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِحَقِّهِ فَمِلْكُهُ لَا يَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، بَلْ هُوَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُشْتَرِي فِي الْإِقَالَةِ مَعَ الْبَائِعِ وَمِلْكُ الْإِقَالَةِ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لَا بِالْعَقْدِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ؛ لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ فِي مِلْكِهِ، فَإِذَا قَامَ الشَّفِيعُ مَقَامَ الْمُشْتَرِي فِي الْمِلْكِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي مَلَكَ الْإِقَالَةَ مَعَ الْبَائِعِ غَيْرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعَ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَقَالَهُ بِنَفْسِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا انْفَسَخَ عَقْدُهُ يَكُونُ حَالُهُ فِي الْحَبْسِ كَحَالِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَقَدْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا لِرَجُلٍ غَائِبٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِيهَا، ثُمَّ الْعَاقِدُ لِغَيْرِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا لِغَائِبٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَتْ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا كَانُوا كِبَارًا كُلَّهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ تُبَاعُ فِيهِ الدَّارُ حَتَّى يَنْقُدَ ذَلِكَ لَمْ يُجِزْ بَيْعُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَرَثَةِ وَهُمْ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ النَّظَرِ بِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَبِيٌّ صَغِيرٌ جَازَ بَيْعُ الْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute